سلسلة رمضانية (3) صدام الحضارات وإخفاقات المرجعية الدينية.
283.png | 19 KB |


توقفنا في الحلقة (2) التي كانت بعنوان المباهلة النبوية بداية إلى حوار الحضارات وقلنا أن وثيقة المدينة أرست قواعد الأخوة والتعايش السلمي بين الحضارات المختلفة وطرحنا سؤالا : إذن مالذي دفع بهذا الحوار إلى الصدام بين الحضارات ؟

الجواب : إن كلمة الحضارة هي تشكيلات تاريخية تظهر وتندثر وتتميز بوجود مواصفات عدة ترتبط بالجانب المادي كما بالجانب الفكري أوالمعنوي ، بهذا المعنى نتحدث عن الحضارات المختلفة.

وهذه المواصفات تكون جسرا في تقارب الحضارات والتبادل الثقافي بينها، وقلما نلاحظ وجود معنى مخالف لحوار الحضارات مثل (الصدام بين الحضارات) وهذا المعنى يعتبر نسبيا لمعنى كلمة الحضارة.

ولهذا تأتي بصيغة المفرد بعكس كلمة الثقافة تكون بصيغة الجمع ، وهي على المستويين مستوى الممارسة الاجتماعية ومستوى الصورة التي ترسمها هذه الممارسة في أذهان الناس ، والتي تفترض سلفا أن تكون طريقة من طرق التواصل في هذا العالم .

فالحضارة الإسلامية مثلا حددت اتجاه طريقها ضمن وثيقة المدينة لتكون جسرا في الحوار بين الحضارات في ظل الدولة الإسلامية. والأديان التي قامت على أساس الوحي لم تكترث بإقامة الدولة لأن المؤمنون هم مواطنون للسماء.

فرسالة عيسى النبي (ع) كانت سلمية ، إلا إن الإنقلاب الذي حصل في عام 1789 م على يد الرئيس الأمريكي (توماس جيفرسون) نجح في فصل الدين عن السياسة حين قال " لا يمكن أن تبنى هوية الأمم على أي من الخيارات الطائفية "

وهذا النجاح كان بسبب عدم استطاعة الكنيسة في تقديم القراءة الصحيحة للوحي في عدم خوض غمار الحروب المقدسة بحجة المخلص الموعود . والتي نسجت على أساس نبؤة قدوم عيسى المسيح في آخر الزمان ، وعليه يجب تهيئة الظروف الملائمة لإنشاء نظام عالمي جديد والقضاء على كل الحضارات لا تتفق مع هذا المشروع وكانت بداية لصدام الحضارات.

سؤال : هل نظرية المخلص الموعود في الأديان السماوية أو البشرية تنسجم مع نظرية الغرب لهذا المخلص والتي بموجبها نجد صدام الحضارات في عصرنا الحاضر ؟ الجواب : كلا لا تنسجم لماذا ؟ اختصارا أن المشروع الغربي في بناء نظام عالمي جديد له أسسه ونظرياته وتطبيقاته وشروحاته.

هل يوجد مشروع مثيل له عند باقي الأديان ؟ لا لا يوجد لماذا ؟ لأن القراءة عن المخلص الموعود قد اختلفت بين الحضارات. لنأخذ الإسلام على سبيل المثال وسنأتي إلى باقي الأديان لاحقا. الإسلام طرح نظرية المخلص الموعود ، ولكن هل هناك شروحات دقيقة لهذا لمشروع ؟ الجواب :

لا لاتوجد شروحات لها مثلا : الشيعة قالوا أن المخلص ولد واختفى عن الأنظار وعندما يظهر ينادي يالثارات الحسين وسيقتل جمع كبير خاصة الفقهاء منهم . وأهل السنة قالوا أنه سيولد وهو من نسل الحسن بن علي (ع) وسيجدد الإسلام على سابق عهد الرسول (ص) بمعنى النظرة السلفية .

سؤال : هل ستقبل الحداثة أن تشاركها شخصية دموية مذهبية ذات فكر سلفي في قيادة العالم ؟ الجواب أكيد لن تقبله ، بالنتيجة أن الإخفاقات للمرجعيات الدينية الإسلامية في تقديم القراءة الصحيحة لمشروع المخلص الموعود طبقا لوثيقة المدينة التي أصدرها رسول الله (ص) أدى إلى الصدام الحضاري.

سؤال : هل سيطرح المخلص الموعود برنامجه الإصلاحي للعالم على فرضية المباني الشيعية أو السنية أو الحداثية أو غيرها ؟ سنجيب عليه في الحلقة رقم (4) إن شاء الله ..... إلى اللقاء.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير