نقلت الأثير (1) تقريرا مفادها :-
"تشير بعض المصادر التاريخية إلى أن الجالية الهندية كانت توجد في عمان منذ القرن الخامس عشر الميلادي، وتحديدا في قلهات تلك المدينة المزدهرة تجاريا قبل غزو البوكيرك لهذه المدينة عام 1507م ، وقد زاد أعداد الهنود في مسقط بعهد دولة اليعاربة التي استجلبت الهنود والفرس للعمل كصناع وأصحاب أعمال وتجارة، فاستوطنوا عمان ووجدوا فيها مبتغاهم نتيجة الأمن والاستقرار، ومبدأ التعايش، والتسامح الذي يميز العمانيين عن غيرهم في المنطقة"
" ولا ينسى التاريخ أن يوثق قصة ( نروتم الهندي ) ومساعدته هو وأتباعه للإمام سلطان بن سيف اليعربي حينما حاصر البرتغاليون في مسقط عام 1649م ، وما نتج عنه بعد انتصار الإمام إذ أعطى الكثير من الامتيازات للتجار الهنود وأعفاهم من دفع الجزية والسماح لهم ببناء معبد خاص بهم"
وينقسم التجار في مسقط الى طائفتين :
البانيان : كما تشير الأثير هو مصطلح نحت من حرف من كلمة ( بهاتيا ) وهو اسم إحدى الطبقات التجارية في الهند اقترن تاريخها بالتجارة الخارجية ، قدمت من كوجرات ونهر السند وجافا واستقرت في مسقط وسيطرت على تجارتها الخارجية
الخوجه : وهو مصطلح أطلق على التجار المسلمين القادمين من الهند وتحديدا من حيدرآباد والسند وقد استقروا في مسقط وأسسوا منطقة خاصة بهم في مطرح وعملوا وسطاء تجاريين بين الساحل والداخل في عمان" انتهى هنا تقرير الأثير.
تقول نورة القاسمي عن الخوجة أنهم هنود وهم رعايا البريطانيين (2) . استغلت بريطانيا هذه الأوضاع لإثبات رعاياها الهنود وهي بذلك معنية في تطبيق القوانين عليهم علما إنها حددت مبدأ عاما لمن له حق التمتع بالرعاية البريطانية قائم على أساس أي شخص أقام في عمان بعد أن استولى وسيطر البريطانيون على إقليمه الذي كان ينتمي إليه أصلا في الهند كان تحت الحماية البريطانية ، وعموما إذا كانت أسرته تسكن ولاية هي تحت إدارتهم يكتسب حمايتهم في اي بلد يقيم فيه (3)
: يقول مايلز ( منذ منتصف القرن التاسع عشر بدأت أهمية مسقط وزنجبار تزداد بوصفهما مراكز تجارية مرموقة للتجار الأجانب ومنهم الهنود الذين استحوذوا على قسم وافر منها وأصبحوا دافعا قويا للتدخل البريطاني) (4).
من خلال ما تقدم نستطيع الجزم أن هجرة الهنود البانيان والخوجة كانت برغبة الحكومة البريطانية لتوطين هؤلاء و ما سيعود عليها بالفائدة من جهتين الأولى إنعاش التجارة البريطانية وتوطيد العلاقة مع الهند و الثانية اتخاذ شعار حمايتهم والدفاع عنهم كذريعة للتدخل البريطاني في الشؤون الداخلية في عمان.وهذا الذي شجع الخوجة الاستقرار فيها. وبطبيعة الحال أن بريطانيا لم تكن علاقتها مع الخوجة والهنود علاقة سطحية فهي تعرف عادات المسلمين أكثر منهم لهذا وثقت علاقتها بإمارة حيدرأباد ، وأوكلت المهمة لسمسار هندي يقوم بمتابعة الشؤون التجارية والقنصلية للشركة في مسقط منذ عام 1790 ميلادي
ومما لا شك فيه أن النشاط التجاري للهنود والخوجة كان مظهرا من مظاهر النفوذ البريطاني في عمان فهم يعملون في الصادرات والواردات وهم وكلاء لشركات أجنبية وفي مقدمتها الشركات البريطانية " ولم يقتصر دورهم على النشاط التجاري فقد عملوا أحيانا وكلاء سياسيين لصالح بريطانيا" (32) هذه الامتيازات التي حصلوا عليها كان باعثا لترك مقر إقامتهم في الهند والهجرة إلى عمان مع إبقاء الجذور العائلية في الهند لهذا رجع البعض منهم إلى الهند بعد استقراره في عمان ليتزوج من هناك .
الدكتور فيصل سيد طه نشر في كتابه نسخة من وثيقة سرية محفوظة بدار الوثائق القومية بمومباي – الهند كما عبر عنها الدكتور فيصل على أنها (رسالة أرسلها القس جورج بيرسي بادجر - مسؤول لجنة زنجبارالتابعة لمسقط – إلى الحكومة البريطانية في 6 يونيو 1861م ، أشار فيها صراحة إلى وجود 500 أسرة من الخوجة القادمين من بلاد السند ويعرفون بإسم اللواتية - ويعاملون في عمان على أنهم من الرعايا العرب عكس بقية الخوجة القادمين من كتش " (5)
تعالوا معي لنفكك ما جاء في هذه الوثيقة ونتحقق من هذا الحدث التاريخي وهو هجرة 500 خوجة يعرفون بإسم اللواتية إلى عمان (مرفق الوثائق)
الفقرة ألف "im at oman times difference to inform you that captain Durand announcement trading at Persian gulf has been appointed to act as Britch logistic at Musact”
الترجمة " حسب فرق التوقيت في مسقط أود إبلاغك بأن إعلان الكابتن دوراند عن التداول التجاري في الخليج الفارسي قد تم قبوله ليكون بمثابة وكيل لوجستي لبريطانيا في مسقط"
ا :- الفقرة باء :-
" this to inform appearing received confirm has ben approving to be act as Britch agent at Musact”
الترجمة " هذا للإبلاغ عن تأكيد قبوله كوكيل بريطاني في مسقط "
ثالثا : الفقرة جيم :-
"copy to be forwarded for the information of Captan Durand asking British major Grumme latter no 25 dated 25th October last “
الترجمة " نسخة ليتم إرسالها للحصول على معلومات من كابتن دوراند الذي يطلب من الرائد البريطاني جروم رقم الرسالة 25 بتاريخ 25 اكتوبر الماضي"
يتبع وثيقة رقم (1) توقيعات البريطانيين
تاريخ الوثيقة 22-11-1862 م
مناقشة ما جاء في الوثيقة :
أولا:- تبين من الوثيقة إنها عبارة عن تأكيد على تعيين وكيل تجاري هندي لبريطانيا في مسقط و لم يأتي على ذكر عدد ال 500 خوجة القادمين من بلاد السند ويعرفون بإسم اللواتية كما ذهب إليه الدكتور فيصل ثانيا : أهل الهند والسند لم يكن يعرفون كلمة" اللواتية" لعوائل عربية تسكن الهند فكيف تعرفت عليهم بريطانيا أنهم خوجة ولكنهم يعرفون بإسم اللواتية ، والدليل كل من هاجرمن الهند إلى عمان كانوا يعرفون بالخوجة لأنهم رعايا البريطانيين ويحملون الجوازات البريطانية وويعرفون بالحيدرآباديين وهنا يأتي هذا السؤال لماذا استخدمت الحكومة العمانية مسمى الحيدآبادي في الوثائق الرسمية ولم تستخدم مسمى الخوجة فيها هذا ما سنبينه لكم في الجزء الثالث من هذا البحث ، إضافة على ذلك كل ما هو متعارف عند أهل الهند و السند أنه كانت هناك إمارة بنو سامة في الملتان وكانوا عرب من قريش والبعض أطلق عليهم اسم الساميين من قريش
ثالثا : بما أن هذه الوثيقة شاهد قوي عند الدكتور فيصل حول هجرة اللواتية من الهند إلى عمان إلا إنه لم يتأكد من صحة محتوى الوثيقة وما تضمنته من نصوص ، ومتى أرخت فكانت الوثيقة في واد والدكتور فيصل في واد آخر .
رابعا : الدكتور فيصل لعله أراد الإشارة إلى عدد 700 أسرة من الطائفة اللوهانية التي أسلمت وكانوا خوجة ، فأراد إثبات أن اللواتية والخوجة هوية واحدة وعرق واحد وبيئة واحدة ووطن واحد ، لهذا أختلطت عنده التكهنات والتحليلات الذاتية وتداخلت مشاعره الشخصية في مكونات الحدث التاريخي فحذف أجزاء مهمة منه . (ملاحظة) سيأتينا الحديث عن الطائفة اللوهانية في الجزء الرابع من هذا البحث
ملاحظة : (إلى هنا انتهى الجزء الأول من البحث حول نسب قبيلة اللواتية)
المصادر
(1) إعداد ناصر البوسعيدي – الأثير – الوجود الهندي في مسقط تاريخ قديم ممتد لمئات السنين - 11-2-2018 ميلادي
(2) نورة محمد القاسمي – الوجود الهندي في الخليج العربي 1820-1947 (الشارقة 1996) ص 76 - 77
(30) فاضل عبيد طخاخ الحميري – التطورات السياسية في عمان - 1806-1856 – رسالة ماجستير - بغداد – معهد البحوث والدراسات العربية - ص 147
(3) مايلز س ب – الخليج بلدانه وقبائله - ترجمة محمد امين عبدالله – وزارة التراث القومي والثقافة – 1982 – ص 243
(4) صلاح العقاد – التيارات السياسية في الخليج العربي - مكتبة انجلو المصرية – القاهرة - 126 -168
(5) فيصل سيد طه – اللواتية في التاريخ - - الوثائق – ص 354