في بطولتي كأس الأمم الإفريقية عام 2006 م - و 2008 م , فازت مصر في هاتين الدورتين ، احتجت بعض الدول بحجة أن البدلة التي لبسها الفريق المصري جلبت لهم الفوز بكأس البطولة ، و لكنهم بنفس البدلة انهزموا في اﻷدوار التمهيدية لكأس العالم أمام الجزائرعام 2010م.
الشاهد من حديثي هذا أن البعض يريد أن يتخلص من أخطائه فيقوم بترويج حجج واهية كي يصبح مثاليا. و هذا ﻻ يوصلنا إلى حقيقة اﻷمر و صفاء التفكير , و لكن إذا أردنا أن نصل إلى صفاء التفكير علينا أن نزيل كل المغالطات و الالتباسات التي تصيب المنطق.
مثلا هناك تهمة تاريخية تقول أن (زهير بن القين) أحد شهداء كربلاء كان عثماني الهوى و كان يكره (الحسين بن علي). هذه التهمة يتداولها الناس و بصورة سيئة جدا و حجتهم أن ما يذكر على المنابر مقتبس من الكتب التاريخية. ما الهدف من هذه التهمة ؟
هل الهدف منها الحذر بعدم التقرب من بطل كربلاء ﻷنه عثماني الهوى و لا علاقة له (بالحسين) ؟ علما أننا نسمع يوميا مئات الحجج يستخدمها البعض للتأثير علينا في أكثر من قضية ، فهل نصدق كل هذه الحجج ؟ هل نحن أغبياء أمام التاريخ كي نصدق أشباه المقولات التي يستخدمها البعض لخداع العامة بكلمات كبيرة يظنون أنها فوق المساءلة ؟
دعوني أوضح لكم كيف تتفاعل الحجج في المجتمع لتأخذ مكانتها في أوساط البسطاء، قبل رفع التهمة الموجه لشهيد كربلاء (زهير بن القين).
إذا قلنا أن شخص ما مشهور في تخصصه سواء كان تخصصه في الفقه أو الطب أو الهندسة الإلكترونية أو الهندسة المدنية أو غيرها ، و اندلعت صراعات سياسية في بلد معين ، قام هذا الشخص و أبدى رأيه السياسي في هذا الصراع ، و إذا بصفحات الإعلام البديل (التواصل الاجتماعي) تتداول رأيه بشكل كبير و كأن رأيه حجة لماذا ؟ لأنه مشهور اجتماعيا.
السؤال : هل رأيه السياسي حجة فعلا على ذاك البلد ؟ الجواب كلا. إذن من الذي جعل المجتمع يهرول نحوه للإصغاء إليه ؟
الجواب :- هناك شيءٌ اسمه الدغدغة الشخصية كتلك عملية الدغدغة التي يتأثر بها الجسم نتيجة ملامسة بعض أجزائه فيصدر حركات لا إرادية . لنوضح أكثر نحن دائما نسمع تبريرات لتصرفات غير مقبولة عقلا و شرعا وعرفا ، و قد تكون هذه التصرفات من أجل إضعاف العقيدة ، هؤلاء عندما يبررون هذه التصرفات يستعملون هذا النوع من الجدلية : (تصرفاتي تجدها أنت مشبوهة و لكن لها تبعات فإن لم أفعلها أنا سيأتي غيري و يمارسها ، إذن لا فائدة من انتقادي لأن التبعات لن يمنعها اعتراضك من الحدوث)
مثلا عندما نسمع من الإئتلاف الروزخوني التقليدي أن (الحر بن يزيد الرياحي) جعجع (بالحسين بن علي) أو أن (مسلم بن عقيل) خذله أهل الكوفة وجئت وقلت لأحدهم لماذا تقول ذلك والحقائق التاريخية تكذب هذه الواقعة ؟ سيجيبك هناك روايات أخرى تقول ان (مسلم بن عقيل) خذله أهل الكوفة فهل نرمي بها عرض الحائط ، التحقيق ليس من تخصصي ثم المجتمع يريد سماع ذلك وإذا لم أقله أنا سيقوله غيري هذا نوع من أنواع الدغدغة الشخصية.
هذا المنطق يقول عنه علماء الأخلاق إن التبعات تتفق مع التصرفات ، فإذا كان الخطأ في التبعات مؤكد ستكون التصرفات سيئة ، و صوابا إذا كانت التبعات جيدة . بمعنى إذا قلنا ان تصرف (الحر الرياحي) في جعجعة (الحسين بن علي) كان سيئا فتبعات هذا التصرف ستكون سيئة وإذا لم يهتم الناقل خطيبا كان أو كاتبا في التمعن في منطق الواقعة قبل التحدث بها فإن التصرف سيكون سيئا والتبعات ستكون سيئة أيضا و العكس صحيح فإذا كان الخطأ واضحا ، فلماذا يتم الدغدغة أليس هذا مثيرا للتساؤل .
واقعيا إن أول تفكير يتبادر إلى الذهن في هذه الدغدغة هو المصلحة الشخصية ، و هذه المصلحة يمكن أن تتعلق بالمذهب أو بهوى النفس فيتم تبرير أي فعل. و ثاني تفكير هو مدى مساهمة هذه الحجج ليكون العيش في عالم أفضل من ذي قبل بمعنى اكذب و اكذب حتى يصدقك الناس فأنت ستصبح الصادق الأمين فيما بعد إذن الهدف من الدغدغة البحث عن النتيجة النهائية لهذا التبرير أو ذاك .
من هنا إذا أردنا أن نعيش صفاء التفكير في ملف التهمة الموجه (لزهير بن القين) علينا كما قلت إزالة المغالطات والسلبيات التي أصابت المنطق.
نكمل بحثنا في الحلقة (8) إن شاء الله تعالى.... إلى اللقاء