نسب قبيلة اللواتية (3)


نسب اللواتية :- 
 اختلفت الروايات  حول كلمة لوتي  هل أصلها عربي أم هندي أم فارسي ؟ تعالوا معي لنقف عند هذه الروايات 

الرواية الأولى : - ما ذهب إليها الدكتور فيصل سيد طه (1) عن أصل مسمى لوتي بقوله " تذكر بعض المصادر أن الشيخ حميد من المسلمين الذين قدموا من أفغانستان  ولم يتمكنوا من العودة بعد ذلك  ، ثم أخذوا يتصاهرون مع قبائل البتهان التي تسكن بلاد السند ، ونتج عن هذا التناسل قبيلة اللودهيين  ومنها الشيخ حميد بن لودي " وفي موضع آخر (2) يقول " لاحظ ريفرتي خطأ فرشته فجعل الصحيح لكلمة (لودي ) هو (لؤي)  " " وبذلك تحقق ريفرتي أن الشيخ حميد من أسرة لؤي ، وليس من أسرة لودي التي لم يكن لها وجود في هذه الفترة من التاريخ "  كما ذهب المسعودي أن حاكم الملتان كان من بني أسد ينتمي إلى سامة بن لؤي ، ثم في موضع آخر (3) يقول "  خرجت لفظة (لؤي) بالهمزة إلى لودي ، كما اوردها فرشته  فتحولت الهمزة الى دال  اي حدث لها مخرج من الحنجرة الى الغار  الذي هو مخرج الياء المجاورة لها ،  وعلى اغلب الظن أنها ليست الدال الفصيحة بل الدال المغورة (التي مخرجها الغار)  ،،، ثم رجعت الكلمة  بعد ذلك من سياحتها  عبر السنين فسمعت الدال  المغورة وكأنها  فاقدة لصفة الجهر. 

 فتحولت إلى نظيرها العربي  المهموس (صوت التاء)  و الفرق صوتي  بين الدال والتاء هو الجهر  ويتطابقان في المخرج  فمن خلال هذا القانون الصوتي  تحولت إلى كلمة (لوتا) بالتاء  بدلا من الدال  فتحولت (لودي ) الى (لوتي)  وكلمة لوديان إلى لوتيان " إلى هنا انتهى كلام دكتور فيصل سيد طه

 الرواية الثانية : ما ذهب إليها جواد جعفر الخابوري بقوله ( فبني لؤي بالسند هم اللواتية بعينهم بعمان ، استبدلت بني بياء النسب فقيل لهم لوائية ثم أُبدلت الهمزة بالتاء تخفيفا في النطق فقيل لهم  لواتية).(4) 

الرواية الثالثة  : ما ذهبت إليها دكتورة نورة القاسمي أن اسم اللواتيا نسبة إلى لوتيانا  وهو اسم نهر في منطقة  لها نفس الإسم في البنجاب وهي مشهورة بصنع الشيلات وتقول  فمن المؤكد أن اللواتيا وثنيون تحولوا عن الهندوسية ، وهم لا يشبهون اللوهانا ولكنهم من الباتيا   وتؤكد تسمية – لوتي هذه النظرية  فمن بين بطون الباتيا البنكلوتيا (الشهداء الخمسة) الذين يحتلون مكانة هامه في طائفة الباتيا وقد تحول عديد من الباتيا في الهند إلى الإسلام  ومن المؤكد أن اللواتيا كانوا من بطون الباتيا البنكلوتيا 

الرواية الرابعة : ما ذهب إليها محمد عبدالله  الحارثي (فمن المؤكد إلى حد ما أن اللواتيا مثلهم مثل الخوجات الموالين لهم في الدين في الهند والذين تحولوا من الهندوسية ومع ذلك وعلى العكس من الخوجات فإن اللواتيا  قد لا يكونون"لوهانيين" لكنهم بهاتيا  فإسم "لوتي" يعتبر إشارة مهمة لهذه النظرية  وضمن عشيرة بهاتيا "البانشولوتيا" والشهداء الخمسة الذين تخلد ذكراهم كحدث مهم في تاريخ البهاتيا  وقد أعتنق عدد كبير من البهاتيا في السند الإسلام  ومن المرجح أن اللواتيا من قبائل بهاتيا البانشولوتيا هم الذين أعتنقوا الإسلام ) (5)

 نقف عند هذه الروايات لمناقشتها :- 

أولا : تبين لنا من خلال مراجعة هذه الروايات و المصدرالمقتبس منه أصل كلمة (لوتي) أربع مصادر :1. عشيرة لودهي من أفغانستان . 2.بسبب تواجد اللواتية في السند وصعوبة نطق أهل السند الهمزة  في لؤي  استبدلت الى التاء فاصبحت لوتي .3. نسبتها إلى نهر لوتيانا في البنجاب ، 4. نسبتها إلى عشيرة البانشولوتيا من قبيلة بهاتيا .

 فإذا كان هناك اختلاف في مصدر أصل الكلمة  فاننا بلا أدني شك  وقعنا في إشكالية تاريخية خاصة إذا قلنا إن الذين هاجروا من عمان  إلى بلاد السند كانوا لواتيا ، فهل كلمة اللواتية  كانت معروفة عندهم قبل الهجرة أم لا ؟ فلو قلت لم تكن معروفة،  فلماذا أختاروا كلمة (لوتي) ولم يختاروا كلمة (السامي) ! طالما هم من بنو سامة بن لؤي ،  وبنو سامة معروفون في الهند والسند بالساميين ،  فلا ضير عند أهل السند والهند  في نطق كلمة (السامي) سواء اختلف غيرهم في النطق أم لم يختلف . 

أما  إذا قلت  كانت معروفة  إذن لماذا ينسب اللواتية  أنفسهم إلى السند وهم عرب أقحاح ؟ لماذا جعلوا محور ظهورهم بهذا الاسم من السند ؟  والمستغرب منه  أن جواد الخابوري  أرجع أصل كلمة (اللواتي) إلى بلاد السند ، والحال كلمة (اللواتي) كانت مستخدمة في المصادرالعمانية منذ القرن السابع عشر للميلاد أي قبل ولادة جواد الخابوري بقرنين من الزمن. 

ثانيا : ما علاقة كلمة (لوتي)  بكلمة (لودي) نسبة إلى قبيلة اللودهي  كما ذهب إليها الدكتور فيصل في كتابه ! أن كلمة لودي أستبدلت إلى تاء في الرحلة السياحية عبر السنين ، رغم أن الدكتور فيصل لم يبين  علاقة العرب بقبيلة اللودهيين ، علما أن هذا الاقتباس لا يستقيم مع الحقائق التاريخية  لسببين : 

ألف : اللودهيين  سلالة أفغانية حكمت الهند  855 - 932  هجرية ، 1451 – 1526 للميلاد ، سقطت دولة اللودهي  على يد بابر المغولي وهذه السلالة ظهرت بعد سقوط إمارة بنو سامة في الملتان ، واللواتية رجعوا إلى وطنهم عمان بعد سقوطها  ترى من بقي من اللواتية  كي يلتحقوا بقبيلة اللودهيين ؟  ومتى رجع هؤلاء إلى عمان ؟ وبأي اسم رجعوا ؟ وعلى أي مذهب رجعوا ؟ 

 باء :  التاريخ لا يسجل لنا أي تواجد لبني سامة في البنجاب في عهد الدولة اللودية التي قامت  من سنة 855 هجرية إلى 932 هجرية ، ولم تكن هذه الدولة  تحكم بلاد الهند جميعًا ولكن قامت العديد من الإمارات الموازية في مناطق وأقاليم الهند الواسعة مثل كشمير والملتان والكوجرات والبنغال وجانبور وهضبة الدكن، وفي هذه الفترة كانت إمارة بني سامة في الملتان قد سقطت قبل 500 عام من قيام دولة اللودي التي سقطت على أيدي المغول عام 932 هجرية بقيادة محمد بابر شاه الذي وحد الهند تحت راية واحدة حتى سقوطها في قبضة الاحتلال الإنجليزي 

 فلو كان مسمى لوتي مقتبسا من كلمة لودي لرأينا تواجد اللواتية ومظاهر معيشتهم في أفغانستان  قبل و بعد سقوط إمارة بني سامة في الملتان ، وهذا الإقتباس سيلغي الإنتماء التاريخي للواتية ببني سامة بن لؤي بلا ادنى شك ، ومتعارف عند الباحثين والمؤرخين أن نسب القبيلة أو عشيرة يكون إما للمنطقة التي تعيش فيها أو بإسم الجد الجامع . 

ثالثا :  الدكتوره نورة القاسمي ذهبت أن اسم اللواتيا نسبة إلى نهر لوديانا في البنجاب فكما يبدوا أن الدكتور فيصل اتفق مع الدكتورة نورة على أصل اسم اللواتيا نسبة إلى نهر لوتيانا في منطقة لودي في البنجاب التي سكنتها قبيلة اللودي وقامت هناك دولتهم واعتبرتها  الدكتوره النظرية التي تؤكد أنهم لا يشبهون لوهانا ولكنهم من الباتيا ، علما أن الأصول الجغرافية لطائفة بهاتيا غير مؤكدة حسب السيردنزل ابستون عالم انثوغرافيا البريطاني الذي كان نائب حاكم البنجاب عام 1907 م هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن مسمى اللواتيا لم تذكر في أي من مدونات المؤرخين البريطانيين والهنود في شبه القارة الهندية  علاوة على ذلك لم يدعي أحد من اللواتيا أنهم من طائفة بهاتيا ، والاعتراف  يؤخذ به و يعتبر حجة شرعية في ثبوت النسب ، وعليه يبقى ما ذهبت إليها الدكتور نورة مجرد تخمينات التي لا ترقى إلى مستوى اليقين ، فهي ميدان الكاتب الذي يلتجئ إليها  في اغلب الأحيان إذا تعذرعنده دليل تاريخي ملموس. 

 رابعا: إن ما ذهب إليها محمد عبدالله الحارثي ان اللواتيا هم من عشيرة البانشولوتيا التابعة لقبيلة بهاتيا،  إن هذا الإدعاء ينافي الوقائع التاريخية والروايات المتواترة ، فلو سلمنا أن اللواتيا هم من قبيلة بهاتيا فإن إجماع هذه القبيلة لا يقرون بإنتساب اللواتيا إليهم من ناحية ومن ناحية اخرى لا توجد آية وثيقة قديمة تدل على نسب اللواتيا إلى عشيرة البانشولوتيا ،  إضافة إلى أن قاعدة  الإستفاضة والشهرة غير متوفرة من ابناء قبيلة بهاتيا في البلدان المتواجدين فيها وتحديدا عمان أن اللواتيا هم من نفس القبيلة،  بالنتيجة هذا إدعاء فارغ دونه حجب الترديد والإبهام .  

 المؤرخ الفرنسي الكبير كوتيى وجد أن البربر إذا أرادوا الجمع زادوا ألف وتاء  فصارت (لوتاه) والعرب إذا أرادوا التعريب حملوا على الإفراد وألحقوا به هاء الجمع  فصارت لواته أو لواتية إذا أستبدلت الهمزة بالتاء، ، ومعجم السلطان قابوس للأسماء العربية أكد على أصل كلمة (اللواتي) وموضعها المغرب نسبة إلى قبيلة لواته.

 تاريخ قبيلة لواته :-

 قال بعض النسابة إنهم عرب اليمن  وهم أبناء برنس بن  بر بن قيذار بن اسماعيل النبي بن إبرهيم خليل الرحمن وله أخ اسمه لوته بن اسماعيل بن إبرهيم ،  وهم أكبر قبائل البربر وأوفرهم عددا وأوسهم شعوبا ومنهم قبائل قريش .حيث أعتبر بعض النسابة أن العرب انتشروا من اسماعيل النبي . والمؤرخون قسموا العرب إلى قسمين العرب البائدة وهم العرب الأوائل الذين درست أثارهم وبادت مثل عاد وثمود . والعرب العاربة  وهم بنو قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفشخذ بن سام بن نوح .
 وقحطان كان عنده أولاد منهم يعرب وجرهم وعندما مات قحطان ولي ملك اليمن يعرب فولى  أخاه جرهم الحجاز وتداول الحكم بنوه حتى نزل إبراهيم أرض الحجاز ومعه اسماعيل فتعلم منهم العربية  وتزوج منهم  ورفع هو وإبراهيم النبي قواعد  البيت فتولى اسماعيل أمر البيت وتداول بنوه أمره حتى غلب جرهم على أمر البيت ، وعندما تفرقت قبائل اليمن بعد سيل العرم رجعت جرهم إلى اليمن وتولت القضاعة أمر البيت حتى ظهر النبي الخاتم (ص) فتولى المسلمون أمر البيت إلى اليوم .(6)

 علاقة كلمة (لواته) حسب قواعد النسب  يمكن تحقيقها من حيث الأصل (الأب الجامع)  ، و جدير بالذكر أن بعض المؤرخين (7) يعدون قبيلة لواته من قبائل قريش السامية ، الأمر الذي يجعلنا الركون إلى أن أصل كلمة (لوتي)  مشتقة من لواته ، وإن اختلفت الظروف التاريخية ،لأن الاختلاف التاريخي لا يعني فصل القضايا عن بعضها البعض وإن اختلفت في المعاني والدليل على ذلك  :-

ألف :-  من حيث الآصل (الأب الجامع)  وجود قبيلة لوتاه في دولة الامارات العربية المتحدة ، (ولوتاه) كلمة  كان يضيف البربر من شمال افريقيا  فيه ألف وتاء إذا أرادوا النطق بالجمع كما أسلفنا ، حيث ذهب سعيد لوتاه (9) رئيس مؤسسة س.س. لوتاه  بقوله :- 

أن " قبيلة لوتاه عربية أصيلة ترجع في نسبها إلى لؤي بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وأنهم يشكلون الجزء الأعظم في الإمارات العربية المتحدة في دبي ، اللواتية ولوتاه موجودين في عمان والامارات وهم نفس القبيلة، ولكن الفرق الوحيد هو المذهب فأغلب اللواتية شيعة وأغلب لوتاه سنة "

باء :- هذا يحملنا بالقول أن هجرة بنو سامة كانت إلى مناطق عديدة من غير عمان لم يدون التاريخ هذه الهجرات بشكل صحيح ، ولم يهتم المؤرخون لها بقدر اهتمامهم بالسلطة السياسية والمذهب المسيطر على المشهد السياسي.

الخلاصة : بالجمع بين هذه القرائن نستنتج  أن أصل كلمة (اللواتي) (8) هي نسبة إلى قبيلة "لواته" وهي قبيلة عربية ، مما يدل أن كلمة "لوتي"  لم يتم اقتباسها من أي مصدر خارج عن البيئة العربية الأصيلة ، وإن قل استخدامها  في عمان في حقبة زمنية معينة لأسباب سياسية أو مذهبية .والحمدالله رب العالمين

المصادر 

(1) الدكتور فيصل سيد طه حافظ – اللواتية في التاريخ  - 191- دار المحجة البيضاء – بيروت – لبنان 
(2) نفس المصدر ص 192
(3) نفس المصدر  ص 193
(4) الأستاذ جواد 23) بن جعفر بن ابراهيم الخابوري اللواتي – الأدوار العمانية في القارة الهندية  (دور بنو سامة بن لؤي – اللواتية – دار النبلاء – بيرت – لبنان – ص 48
(5) الوجود الهندي في الخليج العربي 1820 -1947 م ، دكتورة نورة محمد القاسمي ، منشورات دار الثقافة والإعلام – الشارقة  أ ع م  1996م  ص 74  موسوعة عمان للوثائق ، اعداد وترجمة محمد عبدالله بن حمد الحارثي ، مركز دراسات الوحدة العربية  ، بيروت ، لبنان ، المجلد الأول ص 462-463

(6) عبدالوهاب بن منصور – قبائل المغرب – جزء 1 ص 266 – المطبعة الملكية – عام  1969 م  رباط – المغرب 
(7) سعيد  أحمد ناصر آل لوتاه  المتوفي عام 2020م – موقع إسألنا الالكتروني – 25-8-2015م
(8) موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب – معجم أسماء العرب – المجلد الثاني – ص 18 – جامعة السلطان قابوس – مكتبة لبنان .


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الأربعاء 2025/1/8 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير