ليلة سقوط تل أبيب - تاريخ وأحداث وحقائق. 15


لقد وصلنا إلى محطتنا الأخيرة حيث طلب مني أحد المهتمين  بهذا البحث من قبيلتي اللواتية  لم يشأ  أن أذكر اسمه هنا  أن أجعل عنوان  الجزء الأخير  " تحرير القدس" ، هذه الرؤية عند الجماهير المسلمة  اتجاه قضية القدس شبيهه برؤية الجماهير المصرية حين احتل الهكسوس أرض مصر و تم تحريرها على يد حفيد هابيل  الملك " أحمس"  كان حلم المصريين و قد تحقق ، كذلك تحرير القدس من الغزاة الصهاينة  الذراع العسكري لرجال الخزر هو حلم كل مسلم وحر في العالم.

الغرب يقول عن الصهيونية أنها  مجرد ظاهرة طرحت نفسها على الساحة كقضية توارتية منافسة لليهود هذا الإدعاء لا يمكن قبوله لأن الصهيونية هي إفراز للتشكيل الاستعماري الغربي للعالم ، هدفها طرد السكان الأصليين واغتصاب أراضيهم  وهدم كل ما  له علاقة بالتوحيد فحرقوا كتاب الله العزيز وهدموا المساجد و أقاموا على أنقاضها معابد وثنية  وأوجدوا مبررا لإقامة مستوطنات لهم لأن بدونها لا يكون لهم  وجود. إذن التغيير الديموغرافي له أهمية كبرى ليتحقق حلم إسرائيل (قابيل) من الفرات إلى النيل ، هل هذا كل شيء عن الصهاينة أم هناك حقائق أخرى؟  أكيد هناك حقائق أخرى قد تكون صادمة للبعض منكم ، أنا أعرف أن هناك من لا يريد نبش التاريخ  كي تبقى الحقيقة مجهولة و لكني اعتبره لزاما علي  كشف هذه الحقائق ، ما هي الحقيقة التي يخفونها ؟  تعالوا معي في الرحلة الأخيرة  لنكشف هذه الحقيقة ، هل أنتم مستعدون ، حسنا  لننطلق على بركة الله.

لا أحد ينكر أن جريمة إغتصاب أرض فلسطين و قعت في و ضح النهار و لكن الجريمة  الأشد خطرا على الإنسانية عامة والأمة الإسلامية خاصة هي تشويه وتزييف الحقائق التاريخية  وقد مرت علينا حقائق تاريخية زيفها الإسرائيليون  و من سار على نهجهم من المستشرقين  و من أبناء العرب والمسلمين وهي فك الارتباط بين الدعوة والنبؤة.  لنوضح المعنى مثلا : ظهرت مخطوطة  في خربة قمران  كتب فيها ما يلي : (وقلت عند ملك بابل إن أيام الرب آخرها موت كثير وعظائم ويكون رجل الرب ليس نبيا من عند الله لكنه ليس النبي العظيم الذي اسمه دائما مع اسم الله ومن النبي العظيم الذي يحبه الإله الحي القيوم واحدا فيحبه إلى الأبد يمنح الله ملكوته لإبنه) (1) ، وأيضا جاء عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : " المهدي مني أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً ، يملك سبع سنين". (2) .

هذه النصوص تتحدث عن قدوم رجل السماء في آخر الزمان  يسمى المهدي  كمخلص منتظر،  مخطوطة البحر الميت و التي تسمى مخطوطة قمران  يعود تاريخها إلى الفترة ما بين 170 ق.م  إلى  50 ق.م  أي قبل ظهور النبي الخاتم (ص) بالآلف السنين ثم جاء المنطوق النبوي ليؤكد صحة ما جاء في هذه المخطوطة. النص الذي جاء في المنطوق النبوي جاء ضمن سياق الدعوة ، والدعوة بدات في حقبة زمنية معينة و كان لها تطلعاتها و استراتيجيتها في تسخير الموارد البشرية  و بتوجيه واضح متسق مع هدف هذه الاستراتيجية  والتي جاءت ضمن سياق نص إلهي سمي بالرسالة ، فالدعوة إذن هي رسالة يعتبرها علماء الاجتماع السياسي إنها نص تاريخي  جاءت في المنطوق النبوي ويجب على الجميع العمل بمقتضاها. لأن النبؤة لا تستأنف بعد النبي الخاتم (ص).

 فإذا  جاء أحد وقال لنا  أنا المهدي المنتظر، فهو بلا أدنى شك يصطنع لنفسه دورا نبويا  ويريد أن يقول لنا  أن الدعوة مستمرة إلى اليوم  و لم تختتم بعد. هنا تبدأ المشكلة  عندما يقوم البعض بإخراج الدعوة أو الرسالة  من سياقاتها الأصلية وزجها في تاريخ الصراع السياسي ليتطور الأمر إلى منازعة سياسية داعمة لأجندات سلطوية  أو حزبية أو دينية داخلية.

وهذا يقودنا في كل الأحوال إلى دراسة المكتسبات من خلال النص الذي اعتمد عليه مدعي المهدوية  لمعرفة العلاقة بين النص و قراءته وهل هناك شراكة بين المتلقي وبين النص ! ولو قال هذا المدعي أنه هو وصي رسول الله والمهدي الأول بنص معتبر فيجب أن تكون هناك مشتركات بين المنطوق النبوي عن المهدي المنتظر وبين إدعائه بالمهدوية  وهذا يعني أن قراءة  هذا المدعي  للنص على حساب المنطوق النبوي  هل هو لتأسيس حركة سياسية ! أم مذهب ديني آخر وبالتالي سنفهم أن الذي أوجد النص لنا  له معنى آخر ظهر في لحظة تأسيسيه ضمن فترة تاريخية معينة ،  حينها لن نجد هناك دلالة واضحة في ارتباطها بأصل المفهوم النبوي عن المهدي الذي سيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.  لماذا ؟ 

لأن في المنطوق النبوي عن شخص المهدي المنتظر لا توجد هناك ضرورة  ملحة  لملأ  أي فراغ عنه في غيبته لأنه يتميز بمميزات لا توجد عند غيره  مثل أنه وارث علم رسول الله (ص)  وهذا المنطوق النبوي لا يتحمل تاويلات أخرى. هنا يدفع من أسس نصا على حساب المنطوق النبوي ثمنا باهظا يصل إلى إزالة مكوناته التي أسس عليها بنيانه الواهي ، ولكن بعضهم كانوا صريحين في دعواهم بينما اتجه الآخرون إلى أسلوب المواراة في الدعوة  كتنظيم القاعدة مثلا. فخلف كلا الفريقين ورائهم اتباع أنفقوا عليهم وعلموهم كيفية استخدام السلاح فإذا رجعنا إلى التقارير الإستخباراتية الإسرائيلية سنجد أن تأسيس هذه المنهج كان لصد المد الإسلامي وإيجاد تأسيس سياسي على حساب المذهب الإسلامي أيا كان هذا المذهب. 

المهم هذه  الحقيقة  التي أسس بنو صهيون عليها  فكرهم  و أيدوليجتهم  وعرقهم  ونسبهم للسيطرة على العالم ، فكان مهما  توجيه هذه التنظيمات الجهادية  والحركات المهدوية  ضمن سياقات التراث التوراتي ، وقرائتها لتراثهم الديني يجب أن يكون  من خلال تأويلات تخدم المجال المعرفي التوراتي.  من هنا نفهم أن النص الذي بني على حساب المنطوق النبوي كان يمهد للوصول إلى السلطة السياسية  و لكن هؤلاء أخطئوا في تقديراتهم الميدانية ، كيف ؟ 

السياسة فعل اجتماعي تعمل ضمن نطاقها السياسي ومحصورة ضمن هذا النطاق ، بينما التنظيمات  الجهادية والحركات المهدوية  التي عملت  في السياسة وبالسياسة كانوا معزولين عن النطاق السياسي من حيث التشخيص ، لهذا في اعتقادي إذا أردنا توجيه النقد للحركات المهدوية يجب مناقشة السلطة التي أسست هذا التنظيم الحركي وليس المؤيدين لها ، لماذا ؟  لأنهم مغلوبون على أمرهم.  لنعد إلى أصل البحث.

 في عام 2002م  كانت بداية شرارة الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من إنهائها وهذا أعطى دلالة  واضحة أن العمل المسلح لن يتوقف و استمر الحال بين مد وجزر حتى جاء يوم 7 اكتوبر 2023  اشتعلت نارالحرب على هذا الكيان المؤقت  والذي سمي " بطوفان الأقصى" وملوك هذا الطوفان هم قادة المقاومة الإسلامية " حماس" واقعا هذه الإرهاصات شبيهه بإرهاصات تحرير مصر من الغزاة الهكسوس والذين سماهم رب العزة في القرآن الكريم بالوعد الأول ، هنا نقطة مهمة لا بد من الإشارة إليها  قبل غلق ملف هذا البحث. 

أن طوفان الأقصى أزاح الستار عن وهم إسرائيل التي لا تقهر بما تملكه من تقنيات حديثة وعتاد حربي  وهذا الذي يكمن ورائه فقدان الأمن داخل إسرائيل وهي دلالة واضحة أن التطور العلمي كان ضروريا في النضال المسلح لتحرير القدس واللافت أيضا فشل رجال الخزر أو الصهيونية هو ارتداد أفكارهم  أننا ذاهبون إلى وضع يعيش فيه الشعب اليهودي في حالة إنعدام الأمن  وهو الذي جعل بقاء إسرائيل في فلسطين ضعيفا. 

 وهذا الرأي  بدأت تتناقله أروقة حكام الغرب كما جاء في مجلة فورين الأمريكية " أن الدرس الأبلغ من هذه الحرب هو أن القدرة على الردع لم تعد بنفس القوة التي كنا نتصورها وإن بالإصرار مع إيمان المرء بقضيته وتشبثه بالدفاع عنها يمكن أن يتفوق على القوة العسكرية الكاسحة للخصم".
من هنا نستنتج أن زوال إسرائيل حتمية تاريخية وليس روائية  والسبب أن قيادة هذه المعركة يجب أن تكون ضمن رؤى علمية وعسكرية  فائقة التطور والتقدم  وما نجده الآن هو بداية النهاية لهذا الكيان ، فكما دامت معركة تحرير مصر(الوعد الإلهي الأول)  من الهكسوس (بني إسرائيل) أربع سنوات بنفس السيناريو ستتحرر القدس ، وكان ذلك التحرير على يد أحد أحفاد الأنبياء ، وكذلك  تحرير القدس سيكون على يد حفيد النبي الخاتم (ص). ليتحقق (الوعد الإلهي الثاني)  وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.  

 ملاحظة : (سأبدأ بالإجابة على الأسئلة التي وردت إلي خلال مراحل البحث).

المصادر: -
 
 1.الإمام المهدي في المخطوطات القديمة

ذكر الإمام المهدي في مخطوطة خربة قمران

2. رواه أبو داوود والحاكم النيسابوري وحسنه الألباني في صحيح الجامع 


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير