ليلة سقوط تل أبيب - تاريخ وأحداث وحقائق. 10


كان لهروب قابيل " إسرائيل" من قبضة ابن أخيه حورس بن هابيل ، نحو بحر إيجه  " أوروبا " بداية  قصة  الوعد الإلهي الأول ، حيث جاء في القرآن الكريم في  سورة الإسراء آية 4 و 5 " وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا * فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا". 

 في هذا الجزء هناك أسئلة تفرض نفسها على بساط البحث  كالأسئلة الجدلية التي نعيشها نحن اليوم حيث هناك دولة إسلامية محتلة من قبل إسرائيل " قابيل"  وهي أرض فلسطين ، وكلنا يعرف أن الديانات السماوية قد تحدثت عن هذا الاحتلال  واعتبرت تحرير فلسطين وعداً إلهياً ثانياً يرافق هذا التحرير علامات  كونية ذكرها علماء المسلمين في كتبهم  عما روي عن خاتم الرسل (ص) عن ظهور المهدي المنتظر ونزول عيسى المسيح ، ومحاربة  الأعور الدجال .  بالإضافة إلى ذلك  هناك مسألة أخرى وهي الإرهاصات ما قبل ظهور هذه الشخصيات الربانية ، خروج شخصيات سياسية ودينية تمهد الطريق للظهور المقدس وهي :  السفياني والخراساني واليماني ومنها تفرعت الحركات السياسية  كالحركات المهدوية والتي  تدعي أنها جزء من هذا الوعد الإلهي الثاني ، هاتان المسألتان تتعلقان بزوال إسرائيل ، لنؤجل الحديث عنهما وسأعود إليهما لاحقا. 

 ولكن نتساءل على غرار ما هو موجود عند المسلمين  حول الوعد الإلهي الثاني ، هل توجد هناك نصوص توراتية  أو مدونات مكتوبة على ورق البردي أو نقوش منحوتة على الحجر أو الجدران في الحضارات القديمة كالحضارة المصرية أو الحضارة السومرية في العراق تحدثت عن الوعد الإلهي الأول كيف تحقق أم لا ؟  الجواب عليها سيكون محطتنا التالية  وستكون واقعا من أمجد المحطات التاريخية التي يجب علينا معرفتها.  إذن موضوعنا  أيها الأعزة في غاية الأهمية ، ركزوا معي جيدا  سأطلب منكم  مجددا أخذ  نفس عميق فسفرنا طويل  يختلف عن السابق ، وجهتنا صادمة حيث  سنكتشف أكبر أسرار التاريخ المصري والأوروبي القديم و الحديث ، فهل أنتم مستعدون ،  لننطلق على بركة الله. .

 لكل عصر سره ولكل حضارة غابرة معتقدات ميزتها عن غيرها ولكن إذا اتفقت كل هذه الحضارات على فكرة معينة هنا يجب أن نتوقف ، فمبدأ الإنسان هو الخلاص والغاية تبرر الوسيلة ، وللوصول إلى هذه الغاية  سكفت الدماء وقدمت قرابين بشرية في طقوس دينية ، ولكن هل توقفت هذه القرابين البشرية في عصر التنوير أم  ما زال هناك من يعمل خلف الستار لتقديم قرابين للآله ؟  ومن هو هذا الإله الذي يقدم له كل هذه القرابين البشرية ؟  دعونا نرجع إلى ماض سحيق حيث وقعت أول جناية كبرى على الأرض ، عندما قتل قابيل " إسرائيل" أخاه هابيل " أوزوريس" بعدها  انفصل قابيل عن أسرته وهرب إلى شمال دلتا النيل وكون لنفسه ممكلة نافست مملكة أوزوريس في الجنوب والتي كانت على دين التوحيد حتى اشتد عود حورس بن هابيل فقاد حملة عسكرية على مملكة قابيل في الشمال.

 انهزم قابيل ( إسرائيل) وفقئت عينه وهرب إلى جنوب أوروبا ** ، هدم حورس معبد الشيطان الذي نصب فيه تمثال " ست أو قابيل أو إسرائيل " كإله يعبد ، وهذا التمثال  يحمل صولجان على شكل عصي طويلة ، شكل طرفها العلوي على هيئة رأس حيوان وطرفها السفلي ذي سنين مثل الشوك.  وقد تكون العصي موجية أو مستقيمة ( ضعوا خطين تحت كلمة  الصولجان سأعود إليه فيما بعد) . حورس لم يوحد المملكتين في هذه الحملة العسكرية بل توحدت على يد الملك " نعرمر"  وهو أحد الملوك من أبناء نسل هابيل من الأسرة الأولى التي حكمت مصر، حاملا شعار إله حورس في توحيد المملكتين إشارة منه إنه على عهد آبائه الموحدين ونهج الصالحين.  

سؤال :  بعد هروب قابيل " إسرائيل" من قبضة حورس وقد فقئت عينه فأصبح أعورا ، ماذا فعل ؟   جاء في رواية مانيتون السمنودي وهو أول مؤرخ كتب عن تاريخ مصر القديمة بأمر من بطليموس  ذكر أن  " ملك هكسوس قد وجد مدينة  أواريس قائمة  فاتخذها عاصمة له  و أورايس هي مدينة في دلتا النيل ، قال  " سليم حسن"   إن هذه الرواية مناقضة  لنفسها حيث كانت هذه المدينة يعبد فيها الإله  " ست"  وملك هكسوس إنما رفع الإله  " ست"  إلى درجة العبودية فأصبح هو أعظم آلهة مصر ليحل محل الإله حورس (1). 

 سؤال :  من هم  قوم الهكسوس ؟  اختصاراً الهكسوس هو ببساطة النسخة اليونانية من اللقب المصري ، "هيكا خاسوت ويعني حكام الأراضي الأجنبية / بلدان التلال".  الهكسوس كانوا يتألفون من مجموعة صغيرة من أفراد غرب آسيا الذين حكموا شمال مصر ، وخاصة الدلتا ، خلال الفترة الانتقالية الثانية ، والهكسوس شعب من أصول متعددة جاؤوا من غرب آسيا واستقروا في شرق الدلتا. (2) .في القرن الأول الميلادي وضع المؤرخ اليهودي  " يوسيفوس"  كتابا بعنوان  " الرد على آيبون "  وآيبون هو المؤرخ الإغريقي الذي سب اليهود  ونسب إليهم كل العيوب والنقائص  ولم يجد  " يوسيفوس"  غيركتاب " تاريخ مصر لمنيتون"  خير مخرج له  من هذا المأزق فاعترف إن الهكسوس هم  " بنو إسرائيل"  أبناء قابيل". (3)

يقول مانيتون " في عهد تيماوس أصابنا ولست أدري  لماذا ؟ نقمة الإله فاندفع نحونا أقوام آسيويون من  أصل وضيع جاؤوا من المناطق الشرقية  وهذه الأقوام كانت تدعى " الهكسوس ومعناها ملوك الرعاة والبعض يقول إن هؤلاء كانوا عربا".  (4) ، ماريت عالم الآثار يقول " الهكسوس قبائل خليط من العرب من الشام وكانوا كنعانيين وأطلق عليهم في التواريخ العربية بالعمالقة ، والدكتور أحمد شلبي يقول " الهكسوس هم الأعراب الذين ذكرهم الله في القرآن الكريم في سورة التوبة آية "98" ( الأعراب أشد كفرا ونفاقا ).(5) .إذن الهكسوس هم العماليق الذين احتلوا أرض مصر، والغريب في الأمر أن نتنياهو رئيس الكيان المؤقت الصهيوني قال " يجب أن تتذكروا ما فعله العماليق بكم ، كما يقول لنا كتابنا المقدس.  ونحن نتذكر ذلك بالفعل،  ونحن نقاتل بجنودنا الشجعان وفرقنا الذين يقاتلون الآن في غزّة وحولها وفي جميع المناطق الأخرى في إسرائيل|. (6).

نتنياهو حاول تحريف تاريخ العمالقة سنأتي على ذكر العماليق لاحقا، الآن سأركز على ما ذكره  علماء الآثار أن الهكسوس هم العماليق وكانوا كنعانيين ، ولو سلمنا أن الكنعانيين هم  العماليق  وهم من دخلوا  مصر واحتلوها ، فإن هذا القول يناقض عروبة الكنعانيين الأوائل الذين سكنوا أرض فلسطين ، أما الذين جاؤوا من بعدهم  إنما جاؤوا من جنوب أوروبا فهم ليسوا كنعانيين بل هم من شعوب البحر اندمجوا مع السكان الأصليين وأخذوا أسماءهم ولبسوا ألبستهم فسمو بالكنعانيين ، والكنعانيين سكنوا جنوب حدود مصر و ليس الشرق. (7) . و الجدير بالذكر أن المصريين القدماء كانوا يطلقون على كل من سكن شرق مصر ب " عامو"  وهي تطلق على الشعوب البدوية التي عاشت شرق حدود مصر و التي سميت في التاريخ  " بالعموريين" ،  والهكسوس حسب رواية  المؤرخين إنهم من سكان شرق حدود مصر، بينما أرض كنعان كانت في الجنوب منها في بادية العرب ، ودخول الهكسوس مصر كان عبر شبه جزيرة سيناء والتي تبعد عن أرض كنعان 778  كيلومتراً حسب مخطط المسار، و كان دخول الهكسوس في عصر الدولة الوسطى في القرن 17 ق.م ، حيث كانت مصر تعاني اضطرابات سياسية فلم يتصد لهم أحد لأنهم دخلوا مصر كمهاجرين  ووفدوا  إليها جماعات صغيرة متفرقة ، وهذه الجماعات كانت يزداد عددها إلى أن أصبح لهم سلطان عظيم في البلاد بتسرُّبهم بهذه الكيفية حتى وصل عددهم إلى  أكثر من 38 مليون نسمة ، استوطنوا في مدينة " أواريس " التي تحولت فيما بعد إلى أهم ميناء تجاري على البحر الأحمر فأصبح لهم ثقل اقتصادي لا يمكن تجاهله.  

 أدرك الهكسوس موقع الحضارة المصرية في الجنوب ، و تقدمها في مجالات عديدة في الطاقة والصناعة والزراعة لهذا حاولوا بشتى الطرق الاندماج مع المجتمع الجنوبي فلبسوا لباسهم واستعملوا العديد من الأسماء والألقاب.  من هنا نفهم كيف دمج بنو إسرائيل عقيدة سلالة الأنبياء التوحيدية من نسل هابيل " أوزوريس" بعقيدتهم المخالفة للتوحيد ، بدأت تدخلاتهم في قرارات ملوك الجنوب حتى توسعت دائرة سيطرتهم على أجزاء كبيرة من مصر ، حينها أعلن الهكسوس إنشاء دولتهم في شمال الدلتا واتخذوا مدينة  " أواريس" عاصمة لهم وانتخبوا إله " ست"  ليعبدوه  وكان ذلك في فترة الأسرة الخامسة عشر.  من هنا نستطيع القول إن الهكسوس هم من أبناء " ست"  هم  بنو إسرائيل  " بنو قابيل ". 

  هنا لابد لنا من وقفة مع جلب الهكسوس عبادة  " ست"  عندما اجتاحوا البلاد واحتلوها في وقت هم خليط من أجناس مختلفة .  سؤال :  كيف بنيت علاقتهم بالإله  " ست" !  هذا يعطينا دلالة واضحة أن دخول الهكسوس إلى شمال دلتا النيل  وجدوا عند استيطانهم فيها أن الإله  « ست»  كان هو المعبود المحلي للبقعة التي أقاموا فيها تحصينات عاصمتهم العظيمة التي اتخذوها بمثابة نقطة الاتصال بين أجزاء دولتهم الضخمة . 

وما يمكن احتماله عند ملوك الجنوب أن يكون « ست»  معبودًا محليًّا  بوصفه رفيقًا للآلهة العظام  " آمون ، بتاح ، رع "  و لكن الذي لم يكن في استطاعة الكهنة والحكومة استساغته أن يصبح  « ست»  صاحب السيادة الدينية في البلاد كلها ، وهو الإله المعروف بعدائه للإله « حور أو حورس » ، بل كان قاتل الإله « أوزير أو أوزوريس» والده أيضًا.  هذا الاحتلال كان له وقع كبير على حكومة مصر،  إلا أن الوضع أجبرهم على التعايش معه  قبل طردهم من مصر ،  من هنا أطلق عليهم المصريون القدماء بعد ذلك بدل " عمو"   " حيقا - خاسوت"  أي الملوك الأجانب  لأنه أصبح منهم ملوك  و وزراء ،  في حين حرف الإغريق الاسم إلى " هيكا – سوس" الهكسوس ويحمل نفس المعنى الملوك الأجانب.

 تذكروا هذه الحقائق التاريخية جيداً ، يجب أن لا نغض الطرف عنها ولو للحظات ،لأن هذه الحقائق  بحاجة  ماسة لتسليط الضوء عليها  أكثر . والحمد لله رب العالمين.

المصادر 
1. موسوعة مصر القديمة ، سليم حسن ، جزء 2 ص 86
2. موسوعة ويكابيديا ، الهكسوس
** اعتبر المؤرخون أن قابيل " إسرائيل" انتقل إلى جنوب بحر إيجة  " أوروبا" ، أما أبناؤه توزع البعض منهم في شرق آسيا وهم النواة الأولى لقوم الهكسوس.  
3. فرعون موسى أخر حكام الهكسوس ، عاطف عزت ،ص 16 
4. نفس المصدر السابق، ص 17
5. مقارنة تاريخ الأديان ، احمد شلبي. 
6. موقع قناة الجزيرة الإلكتروني ،21-11-2023 تحت عنوان " كي الوعي.. أساطير توراتية تشرّع لقادة إسرائيل إبادة الفلسطينيين"
7. حلقة 3 من سلسلة الحلقات ليلة سقوط  تل أبيب – تاريخ وأحداث وحقائق.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير