غياب ذرية هابيل ضمن سلسلة الأنبياء وإحلال مكانها ذرية قابيل (إسرائيل) له أسبابه بلا أدنى شك وهي ستكون محطتنا التالية ، أنا لن أطيل معكم في هذه الجزئية ولكن ما سنبحث عنه هو في غاية الأهمية ، هذه المرة سنغوص في أعماق الحضارة المصرية ، من الذي بنى هذه الحضارة ؟ وكيف رفعت هذه الحجارة ؟ وكيف عرف المصريون القدماء قانون الجاذبية ؟ أقوام عاشت على أرض مصر وأقوام رحلت وأخذت معها سرها .
حضارة كلما أردت تجاهلها لم أستطع حيث أظهرت لي سرا آخر وأدخلتني في دوامة الغموض والحيرة أمام سؤال لم أجد له إجابة قاطعة بعد وهو إذا كان آدم وذريته خرجوا من أرض دلمون (جنة آدم على أرض) فكم كان عددهم ؟ هل يعقل أن يكون عدد أبناء آدم وقتها يفوق الآلاف ؟ الجواب مؤكد لا لأن حسب الأدبيات الإسلامية فإن حواء حملت 40 بطنا وفي كل بطن توأمان 40 × 2 = 80 ولدا وبنتا ، ثمانون فردا لا يستطيعون وحدهم بناء حضارة تلامس السماء ، إذن هل كان هناك بشر سكنوا الأرض قبل آدم ؟ ركزوا معي على الجواب.
أعتقد كل واحد منا سأل نفسه هذا السؤال من قبل آدم ؟ إذا كانت شرائع السماء لا تجيز زواج المحارم فكيف سمحت زواج الأخ من أخته ، زواج هابيل من أخت قابيل والعكس صحيح ؟ الجواب نعم كان هناك بشر قبل آدم وزواج قابيل كان من إمرأة غير أخت هابيل وكذلك هابيل تزوج بإمرأة غير أخت قابيل ، إذا كان ما أقوله صحيحا ، إذن ما هي الحقيقة المغيبة عنا منذ سنين ؟ نحن نسمع في المناسبات الدينية ومن قامات علمية كبيرة إن هابيل تزوج بأخت قابيل وبسبب هذا الزواج دفع هابيل دمه ثمنا له ، تعالوا معي لنميط اللثام عن هذه الحقيقة ، حقيقة وجود بشر قبل خلق آدم ، حقيقة نسل البشرية. ما سأتحدث عنه لطالما دارت أسئلة كثيرة في أذهانكم حوله وتبحثون عن إجابات عنها ، سأضع بين أيديكم ما توصل إليه علماء الحفريات عن وجود نسل قبل آدم ، وبالتالي سنختار منها ما هو أقرب إلى الواقع ، انتهت المقدمة ، لنبدأ الآن على بركة الله ولنغوص في أعماق التاريخ القديم وبامتياز .
مما لا شك فيه أن نسل البشرية لابد أن يكون من جنس الإنسان أي من نوع الإنسان فلا يمكن القبول بنظرية أن الإنسان تطور من جنس الحيوان ، فإذا ما رجعنا إلى معرفة عمر آدم على الأرض سنجد أن علماء الأديان والآثار يتفقون أن آدم وجد على الأرض ما بين 5 إلى 14 ألف عام قبل التاريخ ، إذن ماذا سنقول لتلك الحفريات التي وجدت آثار لهياكل عظمية لبشر يعود عمرها إلى ملايين السنين ! فهل اعترفت الأديان لهذا الوجود البشري قبل آدم ؟ علماء الحفريات اتفقوا على وجود بشر قبل آدم ، ولكن الكتب السماوية اتفقت جميعها أن آدم هو أول البشر، والأبحاث العملية صنفت الجنس البشري إلى تفرعات من الأقدم وصولا إلى الأحدث وهي كالتالي :-
الإنسان الماهر، إنسان بحيرة رودولف ، إنسان جورجيا ، إنسان العامل ، الإنسان المنتصب ، إنسان سيبرانوا ، إنسان روديسيا ، إنسان السالف ، إنسان هايدلبيرغ ، إنسان نياندرتال (تذكروا هذا الاسم جيدا سنعود إليه) ، إنسان هومو تاليدي ، إنسان فلوريس ، إنسان العاقل القديم ، إنسان العاقل الحديث والتي تندرج تحته البشرية الحالية. (1)
خلصت هذه الأبحاث ونتائج الحفريات إلى أن أشباه البشر قد عاشوا في مواقع أكثر من المواقع الحفرية الموجودة. وفي أغلب الأحيان كانت البيئات في الماضي مختلفةً عن التي نراها في وقتنا الحالي ؛ فالأجزاء من العالم التي نراها الآن على أنها مواطن غير جذابةٍ لم تكن بالضرورة على هذا النحو في الماضي ، والعكس صحيح وقد اعتبر علماء الحفريات أن صنف (الإنسان نياندرتال هو الإنسان العاقل القديم الذي تطور سلوكيا وجينيا إلى الإنسان الحديث العاقل وهم نحن).
وهذا يأخذنا إلى القبول بالقول أن التواصل بين آدم وتلك الأقوام التي كان يقودها آدم آخر دليل على وجود بشر قبل آدم ، هذه النظرية التي شكلت جدلا كبيرا بين علماء الآثار وأصحاب الديانات غير أن (جعفر بن محمد الصادق) حسم هذا الجدل حين سئل هل خلق الله البشر قبل آدم ؟ فأجاب سلام الله عليه : إن لله ألف ألف آدم وألف وألف عالم وأنتم في آخرهذه العوالم. (2) ، ومع أن الغموض يلف تاريخ تلك الأقوام إلا أن القرآن الكريم تحدث عن بدء الخليقة من آدم وقصته والتي جاءت بالقوانين الإلهية التي تحكم البشر بعد طرده من جنة الأرض ، وبدلالة هذا التواصل ، منطقيا كان من نتائجه زواج هابيل وقابيل من بناتهم (الإنسان العاقل القديم).
ولكن هذا الزواج لم يكن هو الدافع الأساسي لارتكاب الجناية الكبرى لقتل هابيل أو أوزوريس وإنما الملك العظيم الذي أوتي هابيل علومه ، وقد دونت الصناعات الحديثة في ذاك الوقت على حجر عثر عليه في مدينة زرت (مدينة الرشيد) وهو حجر يحمل نقوشاً باللغة اليونانية و الهروغليفية و رموز الديموطيقية والتي تستخدم لفك رموز الحروف الهيروغليفية ويرجع عمر هذه الحروف إلى 169 سنة ق.م 2200 سنة ق.م .
مملكة امتدت من ضفاف نهر النيل إلى شمال سوريا ، وأشهر ما نقل لنا أن إله الشمس " آتوم أو أتون" ويرمز إلى آدم وهو أول الخلق ، وصار" أتون " الزعيم الروحي لأوزوريس الذي أصبح مقربا إلى كبير الآلهة رب الأرباب " رع ". تعلم أوزوريس العلوم من أهل السماء فهو أول من بنى بالحجر وخط بالقلم ، وبنى سواقي الماء في الزراعة ، وتعلم تخطيط المدن ، وهو أول من جعل أهل مصر يسكنون البيوت ، و أول من شيد المعابد الضخمة ، و أول من صنع اللباس من الكتان ، وكان يتلقى وحي الله ويرى في نومه وقد حكم مصر بالعدل حتى قتله أخوه. (3) وحسب المؤرخين فإن مكان مقتل هابيل كان في جبل قاسيون في سوريا.
هرب " قابيل أو ست أو إسرائيل" بعد صراع دامي ** مع حورس الابن البكر ل "هابيل أوزوريس " حيث فقأ عين عمه ليعيش أعورا طول حياته بعد أن حلت عليه لعنة الله والعقاب أن يكون تائها لا يستفيد من أرض يسكنها فأصبحت كل أرض محرمة عليه وعلى ذريته. فتوجه نحو جنوب بحر إيجة ( أوروبا حاليا) كما تحدثت عنه كتب المؤرخين ، لتبدأ الأحداث والصراعات بين أبناء هابيل الموحدين وبني إسرائيل ، وقبل الحديث عن هذه الصراعات والتي امتدت إلى احتلال فلسطين عام 1948م ، نتساءل من هم أبناء هابيل ؟
جاء في موسوعة مصر القديمة وكذا في أسفار التكوين المصرية ، أن أول ظهور " أتون أو أتوم" إله الشمس ويرمز إلى آدم ، يعتبر أول ملك يحكم مصر ثم جاء بعده أوزوريس هو (هابيل) وبعد مقتله تولى حورس وهو ابن هابيل البكر إلى آخر ملك "عجا " وتقول هذه الأسفار أن أوزوريس له إبنان " حورس وعزير أو أوزير" وكانوا يحرسون عرش أوزوريس وقد ورث حورس العرش من أبيه. (4) وعلى أي حال فإن الآثار قد حفظت لنا أسماء الملوك التسعة الذين حكموا مصر في فترة ما تسمى بفترة الأسرات وكانوا على دين التوحيد ، هذه المعلومات محفورة على حجر " بلوم" جزء منه محفوظ في (بلرمو) عاصمة صقلية وأربعة أحجار منها موجودة بالمتحف المصري الآن. (5). والحمد لله رب العالمين
المصادر :-
1.تطور الإنسان، برنارد وود ترجمة زينب عاطف، الناشر مؤسسة الهنداوي الطبعة الانجليزية عام 2005 م صدرت طبعة الترجمة عام 2016م
2.بحار الأنوار ، باقر المجلسي ، جزء 8 ص 375
3. جبتانا أسفار تكوين المصرية ، مانيتوا السمنودي، تحقيق علي علي الألفي، دار روفد للنشر والتوزيع، مصر
4.موسوعة مصر القديمة ، سليم حسن ، الجزء الأول ، ص 114-116
5.المصدر السابق ، ص 117
** لقد اختصرت قصة الصراع الدامي بين حورس وعمه (قابيل أو ست أو إسرائيل) كي لا أفقد بوصلة البحث .