ليلة سقوط تل أبيب - تاريح وأحداث وحقائق. 3


نشرت دورية "ساينس أدفانس" دراسة: "أن الفلسطينيين هاجروا من جنوب أوروبا إلى أرض فلسطين". 
 (Science Advances Vol 5, No. 7, 03 July 2019) ،(1)،  وقبل أن أقوم بعرض هذه الدراسة على بساط التحليل التاريخي المنطقي دعونا نتعرف على منبع هذه الدراسة كيف جاءت؟

1. في عام 2016م قامت بعثة "ليون ليفي" بعمليات التنقيب تحت إشراف البروفسور "لورانس  ستاغر" من جامعة هارفارد، وهو أستاذ علم الآثار في كلية "ويتون" ومديراً من عام 2007 وحتى الموسم الأخير في عام 2016. وأثبت فريق متعدد التخصصات من معهد “ماكس بلانك لعلوم التاريخ البشري” و” بعثة "ليون ليفي" إلى "أشكلون” في مقالة بعنوان "حمض نووي قديم يلقي الضوء على الأصول الوراثية للفلستيين في أوائل العصر الحديدي” أنه بالتزامن مع وصول الفلستيين إلى أشكلون في القرن 12 قبل الميلاد، كان هناك تدفق لمواد جينية من جنوب أوروبا لدى السكان المحليين".
حيث قامت هذه البعثة بتحليل الحمض النووي على عينات من ثلاث فترات في العصرين البرونزي والحديدي (قبل حوالي 3600-2800 عام) من رفات كنعانيين وفلستيين، والتي تم أخذها من ثلاثة مواقع: مقبرة فلستية تم اكتشافها في عام 2016، وقبور تم اكتشافها في التسعينيات، ومقابر رضع تم اكتشافها تحت منازل لفلستيين من خلال تحليل الحمض النووي لعشرة أفراد قدامى، تشير الدراسة إلى أن الفلسطينيين وصلوا إلى أشكلون من أوروبا بحلول أوائل العصر الحديدي.. وقال دانييل م. ماستر، مدير “بعثة ليون ليفي "إلى أشكلون ورئيس الفريق الأثري لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل": “مع هذه الدراسة، أصبح لدينا أخيراً دليل مباشر يلائم ويستند إلى  فرضية أن أصول الفلستييين هي من غرب البحر المتوسط".

2.بعد هذا التقرير لبعثة أثرية عام 2016 م، جاءت الدراسة التي تصدرها الرابطة الأمريكية للعلوم المتقدمة   "ساينس ادفانس" الأمريكية عام 2019 خلصت إلى أن " أول من سكن فلسطين، هم من قدموا إلى منطقة الشرق الأوسط، قبل 3 آلاف عام. الفترة بين 1379 ق.م حتى 1126 ق.م، عبر هجرات جرت إلى مدينة “عسقلان”. كما تَعاقَبَ على حكمها الكنعانيين والفلسطينيون القدماء والبابليون والفينيقيين والرومان والصليبيون. ووفق الدراسة، فقد صرّح فريق من علماء الآثار أنهم اكتشفوا لغز أصل سكان منطقة فلسطين القدماء، الذين عُرفوا تاريخيّاً بـ”الفلستينيين”. كما قدموا دليلًا على أن هؤلاء “السكان القدماء” يرجعون إلى أصول أوروبية. وذلك بعدما حللوا عظاماً اكتُشفت في مدينة “عسقلان” قبل سنوات. كما جرى تحليلها في معهد "ماكس بلانك" بألمانيا. وفي السياق نفسه، تقول فيلدمان:" نؤكد من خلال تلك الدراسة أنه كانت هناك تفاعلات تجارية وإنسانية عبر البحر المتوسط. كما أضافت: ونؤكد هذه النتيجة بشكل علمي؛ إذ تثبت فحوصات الحمض النووي أن الفلسطينيين كانوا مهاجرين".

من خلال ما تقدم تبين لنا أن تقرير البعثة الأثرية والدراسة التي نشرتها المجلة لم تختلف في النتيجة من حيث المكان والزمان في تنقيب الآثار بل تم التلاعب بالأدلة كما سيتبين لنا، وأن هذا الادعاء ليس له واقع حقيقي علمي أو تاريخي، علما أن اليهود يعرفون أنفسهم أنهم عبر التاريخ لم يكونوا في يوم من الأيام في وحدة عرقية وجغرافية واحدة، حتى نقول أنهم انحدروا من جماعات كانت تقطن فلسطين. طالما محور اعتماد كلا الطرفين البعثة الأثرية والدراسة الأمريكية هو علم الجينات، لنرى علم الجينات ماذا يقول وسنرى من أول من سكن هذه الأرض.

أولا : قسم علماء جيولوجيا الحمض النووي البشر إلى مجموعات عرقية تسمى بالمجموعات الفردانية، وهي مجموعة من الجينات في كائن حي يتم توارثها معًا من أب واحد، وتم تسمية المجموعات من الحرف "أي وتي " وعلى هذا قامت العديد من الأبحاث والدراسات للتوصل إلى نتائج حول وجود مشترك بين المجموعات الفردانية أو العرقية عند اليهود والعرب في محاولة للتوصل لصحة نسب اليهود إلى أرض كنعان أو فلسطين. يقول البروفيسور الروسي (أناتولي كليوسوف)، واضع مبدأ جينولوجيا الحمض النووي في الكيمياء العضوية، في لقاء على قناة "روسيا اليوم:

"إن المجموعة الفردانية الأكثر انتشارا في العرب هي "ج 1" ومنتشرة في الدول العربية من العراق إلى المغرب، ولفت "أن هذه المجموعة منتشر بالكثرة بنسبة 81%، بينما نجد أن اليهود تفرقوا عن العرب منذ 4 آلاف سنة، ولم يلتقوا معهم. اليهود يحملون عنصر " آر 1 أي" فهي جينات لمجموعة آرية قدمت من أوروبا الشرقية، ولذلك نجد بعض اليهود يفتخرون بأنهم من الآريين وهي أصلاً مجموعة أوروبية " وأضاف " أن اليهود الأوربيين ليسوا من أحفاد أسباط بني إسرائيل و من ثم لا يمكن اعتبار استيطانهم لأرض كنعان "فلسطين" شرعيا من الأساس" (1) .

ثانيا: - في عام 2013، قام ريتشاردز وآخرون. بأعمال منشورة تشير إلى أن الغالبية العظمى من أصل الأم اليهودية الأشكنازية، والتي تقدر بـ "80 في المائة من أصل الأم الأشكناز تأتي من نساء أصليات إلى أوروبا، وفقط 8 في المئة من الشرق الأدنى، مع الباقي غير مؤكد".
وهذا يؤكد لنا أن تحديد القومية اليهودية يكون بناء على نسب الأم، ومرد هذه العقيدة تعود إلى زوجة نبي الله إبراهيم الخليل السيدة سارة ، التي ولدت من أب يهودي "هاران" وكان اسمها حسب سفر التكوين "ساري" والغرض من ذلك حصر سلالة إبراهيم الخليل في زوجته السيدة سارة دون زوجته السيدة هاجر. ومعظم المؤرخين يعتبرون ''الأشكيناز'' احفادا ليهود أتوا إلى أوروبا من الشرق الأوسط قبل القرن الثاني عشر الميلادي، يقول بروفيسور اليهودي 'زائيف هرتزوج'' عالم الآثار اليهودي 'الاكتشافات الأثرية الحديثة تتناقض مع مزاعم التوراة، بالتأكيد يجب التوقف عن البحث عن أدلة ليست موجودة أصلاً'. وهذا يدل أنهم لم يحصلوا على الأدلة تدعم نظريتهم التوراتية التي ربطت بين الفلسطينيين القدماء وشعوب البحر بناء على نص ورد في سفر حزقيال 17:16:25

وهو الأمر الذي عززته الدراسة التي قام بها الفريق البحثي من جامعة ''هادرسفيلد'' بالمملكة المتحدة، والتي ترأسها ''مارتن ريتشارد'' عالم الجينات الإنجليزي. أن ''أكثر من 80% من العينات المفحوصة لا تمت بصلة إلى الشرق الأوسط ولا إلى شرق الأدنى. "يقول الفريق البحثي "مؤكداً أن نتائج تحليل الحمض النووي "الميتاكوندارى" تشير إلى أن اليهود الإسرائيليين تعود أصولهم إلى مجموعة عاشت منذ 7500 عام في المكان الذي يُطلق اليوم عليه دولة إيطاليا". (2)

ثالثا: إذا تمعنا في قراءة الدراسة التي نشرتها مجلة "ساينس أدفانس" نجد أنها مارست التزييف والتلاعب بالأدلة والغرض من ذلك إثبات الرواية التوراتية القديمة حول الأحداث في الشرق القديم، وقد كان لافتاً أنها ركّزت على العنصر الأوروبي المفترض، الموجود في التركيبة الجينية، وتجاهلت العناصر المحلية المشرقية التي تشكل أعلى نسبةٍ في الرفات، بحيث بدأ للقارئ غير المتخصص في آلية تفكيك النصوص أن الرواية التوراتية عن شعوب البحر كأنها حقيقة علمية. وبتاريخ 8/7/2019 غرد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل لتسويق النتائج المزورة في الدراسة، نشرت التغريدة قناة سي أن أن الأخبارية على صفحتها الإلكترونية  ادعائه  "أن أصل الفلسطينيين القدماء يعود إلى جنوبي أوروبا" وعلى هذا المنوال سارت بعض الأقلام، ولو أنهم قرأوا الدراسة نفسها بتمعن لوجدوا فيها معطياتٌ تؤكد انتماء سكان عسقلان إلى التركيبة الجينية المحلية. 

إذن علم جنولوجيا الحمض النووي يؤكد أن اليهود أتوا من جنوب أوروبا "إيطاليا" وليس الفلسطيين العرب كما يزعمون، ثم يا أخي لو لم يكن هناك شعب عربي في فلسطين لما تقدم شمعون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق يطلب الجنسية الفلسطينية. (3) ومن قبله غولدا مائير (4) ،فضلا عن ذلك لو كانت أرض فلسطين لليهود لما أعطى بلفور وعدا لليهودي ليونيل روتشيلد لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين (5)، وأيضا عندما حاصر نابليون عكا عام 1799م حاصر المسلمون فيها، وليس اليهود، وهذا قبل 149 سنة من قيام الكيان الصهيوني المؤقت عام 1948م..
 
بالنتيجة أن الأدلة التي قدمتها حكومة نتنياهو ضعيفة، ولا تصمد أمام الحقائق العلمية والتاريخية أن اليهود أول من سكن أرض فلسطين. حيث أظهرت نتائج الفحوصات الجينية أن الفلسطينيين القدماء من أبناء عسقلان هم من الكنعانيين، وليسوا من اليهود، أو من الشعوب البحر، بل هم العرب الحاليون من سلف مشترك أي من رجل واحد عاش قبل 6000 عام واسمه العلمي مدوناً في سجلات المعاهد العلمية الدولية المعنية حسب علم جنولوجيا وهو :-  j1- Z2331. . والحمد لله رب العالمين.

المصادر :

1.نتائج دراسة نشرتها مجلة ساينس ادوانس

1.بروفيسور أناتولي كليوسوف : الجين اليهودي

2.دراسة الحمض النووي اليهود جاؤوا من أوروبا الجنوبية - إيطاليا

3.وثيقة طلب شمعون بيريز الجنسية الفلسطينية

4.وثيقة تثبت طلب غولدا مائير الجنسية الفلسطينية

5.وعد بلفور لأسرة روتشيلد اليهودية

 


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير