ليلة سقوط تل أبيب - تاريخ وأحداث وحقائق. 1


من يقرأ التاريخ لا يدخل اليأس إلى قلبه ، عندما قررت كتابة فصول هذا البحث ، وضعت أمام عيني بعض الفرضيات التي يجب أن يمتكلها القارئ الكريم والفرض (مفرد فرضيات) هو ما يجب النظر إليه من بعده المعرفي والذي سيكون قاعدة أو أساسا لفهم قضية نهاية الكيان الصهيوني أو زوال إسرائيل.

 ولو نظرنا في البعد المعرفي لهذه القضية  سنجد هناك تفاوت ملحوظ عند أصحاب الديانات السماوية مثلا  المسلمين منهم من اعتبرها أمنية بزوال إسرائيل وآخرون وصلوا إلى يقين أن زوال إسرائيل حتمي لا محال ، ولو سألت أحد المسلمين هذا السؤال : كيف عرفت أن اسرائيل ستزول من الوجود ؟ ، أبسط جواب ستتلقاه منه أن القرآن الكريم تحدث عن زوال إسرائيل في سورة الإسراء ، أنهم سيفسدون في الأرض مرتين كان هناك  الإفساد الأول حيث دمرت فيه دولتهم  وهناك إفساد ثان ستدمر فيه أيضا دولتهم وهو ما عبر عنه القرآن الكريم  بالوعد الأخرة.

أما عند اليهود فإن فكرة زوال  إسرائيل بدأت من عام 1730 ق م حين ظهر نبي الله إبراهيم الخليل ثم خروج بني إسرائيل من مصر عام 1313 ق م  ونزول التوارة وقبولهم ما جاء فيها إلى بناء هيكل سليمان عام 957 ق م  ثم إلى خراب الهيكل عام 586 ق م  وهو الخراب الأول،   ثم بناء الهيكل من جديد عام 516 ق م ثم خراب الهيكل مرة ثانية عام 70 ق م  وإلى بناء المسجد الأقصى عام 691 للميلاد.

ثم بداية الحروب الصليبية عام 1099 للميلاد وظهور نجمة داوود وقيام الكيان الإسرائيلي مرة ثالثة إلى تحرير مدينة أورشليم عام 1967 للميلاد  وخلال هذه الفترات لم تدوم دولة إسرائيل أكثر من 80 عام  إلا في عهد نبي الله داوود وفترة أخرى يسمونها حشمونائيم وهي فترة بناء هيكل سليمان ثانية والتي استمرت 89 عاما  وفي كلتا الفترتين تفككت الدولة اليهودية في العقد الثامن فهم يؤمنون أن العقد الثامن قد بدأ  لزوال إسرائيل.
وهناك من يتحدث بشكل أوضح من السابق أن نبوخذ نصر (الملك البابلي) هو من قام بالتدمير الأول لدولة لبني إسرائيل وأن الإفساد الثاني كان على يد القائد الروماني تيتوس عام 70 الميلادية. (1) . 

وفي المقابل ذهب بعض علماء المسلمين أن التدمير الأول كان في حضن الإسلام في عهد النبي الخاتم (ص) عندما أجلاهم من المدينة المنورة بعد معركة خيبر، وأن الإفساد والدمار الثاني لبني إسرائيل هوالوعد الآخرة الذي نعيش فيه هذه الأيام ، والبعض ذهب أن الإفساد الأول هو ما نعيشه هذه الأيام وسيكون الدمارعلى يد جند الإسلام وأن الإفساد الثاني هو حين خروج الدجال ونزول نبي الله عيسى الذي سيكون على يديه الدمار الثاني وهو ما عبر عنه القرآن الكريم بالوعد الآخرة ، أي أن النبي عيسى هو الوعد الآخرة. (2) 

طبعا أنا لن أتناول في هذا البحث ما ذهب إليه المفسرون  للقرآن الكريم من وجهات نظر مختلفة  بل سأعمل على ربط الدلالات الاستدلالية للحقائق التاريخية كي نصل إلى قراءة صحيحة ومنطقية للتاريخ عن زوال إسرائيل. وسواء كان هذا يقينا أو أمنية فإنه لا بد لنا من أن نتمتع بدراية عما كتب عن قيام الكيان الإسرائيلي ومن خلاله نوجد العلاقة المباشرة وغير المباشرة عن زوال هذا الكيان المؤقت. ولمعرفة هذه الكتابات علينا قراءة التاريخ ولنا في التاريخ عبرة ، حيث سمعنا مرارا ما تروجه بعض الوسائل الإعلامية التابعة لبعض الحكومات الغربية التي رأت في إنشاء الدولة الصهيونية خلاص من مشكلة الفائض البشري وللوصول لحل هذه المشكلة قامت بتطبيق النظرية الداروينية وهي تصدير المشكلة إلى الخارج ورأت هذه الحكومات أن الشرق الأوسط أفضل وجهة لتهجير الفائض البشري اليهودي إليها..

واستقر المخطط  الشيطاني على فلسطين لأهميتها الاستراتيجية وسهولة إقناع اليهود بالعودة إلى أرض الميعاد وغيرها من التراهات ، وبالفعل قامت بتهجير اليهود إلى فلسطين لتكون القلعة التي تحمي ظهر هذه الحكومات وتدافع عن مصالحها. هنا فتحت الشهية الصهيونية لتطرح نفسها على أنها الأيدلوجية الإصلاحية التي تهدف ليس فقط في توطين اليهود في أرض الميعاد فحسب بل أيضا إخلاء  فلسطين من سكانها وإبادتهم أو طردهم  جميعا  والسيطرة على شعوب المنطقة كعبيد لهم ، ويكون العقل الصهيوني هو المنتج والمهيمن والمحرك الأساسي لكل المشاريع التنموية والاقصادية.

هذه الحقائق ليست مجرد عبارات إنشائية بل واقع رسخته الأحداث الميدانية وتناولته الأجيال حتى أصبح من المسلمات التي فرضت على الشعوب العربية والإسلامية أن إسرائيل قوة لا تقهر، وأن أرض فلسطين ليست عربية ولم يسكنها أحد من قبل سوى اليهود ، وهذا يجعلنا مراجعة التاريخ لدراسة الماضي والاستفادة منه في الحاضر والمستقبل ، وهذه المراجعة مهمة لصون كرامة الإنسان وجوهر كرامته الحرية والمساواة وحفظ حقوقه المشروعة على الأرض.  فمن هو أول من سكن أرض فلسطين ؟ .


المصادر 
1. إنهيار إسرائيل من الداخل ، عبدالوهاب المسيري ، ص 123
2. تفسير الشعراوي ، مجلد 13 ، محمد متولي الشعراوي  ص 8343-8352


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الجمعة 2025/9/5 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير