جاء في " بهافيشيا بورانا " الكتاب المقدس عند الهندوس جزء 3 باب3 الآيات 5- 8 " سيأتي رجل وهو أجبني وسيأتي من الصحراء ومعه رفاقه وهم مطهرون واسمه محمد ...الخ ".
هذا النص يتحدث عن نبؤة النبي الخاتم (ص) ورفاقه المطهرون قبل 4000 عام ، وهو شبيه بآية التطهير في القرآن الكريم ، هذا الحضورللخطاب الإلهي في الأسفار العالمية هو تأسيس للفكر الإسلامي ليتبوأ مكانته عند جميع شعوب العالم ، وهذا الحضور يعتبر رأسمال لمشروعية القيادة الأصيلة العادلة .
هذا التأسيس وما سيحوم حوله من مفاهيم سياسية وفقهية عبر العصور بحاجة إلى هذا التشريع المتسم بالعصمة ، النهضة العلمية التي بدأها (محمد بن علي الباقر) حققت أهدافها المرجوة منها ، حيث توسعت جغرافية الدولة الإسلامية في العهد العباسي ، وتوسعت معها القاعدة الشعبية العلمية والدينية للمرجعية القيادية الأصيلة . غير أن ساحة دولة الخلافة المترامية الأطراف شهدت تحولات سياسية خطيرة ، خلقت مراكز قوى جديدة وفي يدها مقاليد الأمور وإدارة دفة الخلافة .
معطيات كهذه ، تنذر بحروب طويلة الأمد مع الكيانات السياسية المتعاقبة ولإكمال مشروع قيام الدولة العادلة المرتقبة إنعقد اللواء ل(علي بن محمد الهادي (ع)) وكان أمامه محك خطير حيث ظهرت في عصره :-
الحركات الشعوبية السياسية العنصرية (ميزت بين العرب وغيرهم) ، انتعاش اللغة المذهبية والطائفية بمباركة سياسية ، ترسيخ قاعدة تقليد أئمة السنة والجماعة وإلغاء مرجعيات آل البيت ، تحجيم الإبتكار والبحث العلمي ، ظهور الخرافات والأساطير وكانت تقاس بمقاييس القرآن الكريم والسنة النبوية ، سن قانون هدم الأضرحة وبداية إنتشار الفكر التكفيري ، توسع النفوذ اليهودي برئاسة "رأس جالوت " ، البيزنطيين والصليبين كانوا على حدود دولة الخلافة العباسية للإنقضاض عليها ،
مما شجع على : ظهور دويلات وحركات إنفصالية استقلت عن الدولة العباسية مثلا : دولة المماليك في مصر، حركة الحسن الأطروش البويهي لاحياء حكومة أهل البيت في إيران ، الدولة السلجوقية على يد سلجوق بن بكاك التركي في أفغانستان ، ظهور حركة لإحياء الحكم العباسي على يد الظاهر بيبرس في القاهرة ، ظهور حركة لإحياء حكم بني أمية على يد عبدالرحمن الداخل في المغرب .
في خضم هذه المعاينة المريرة لمشاهد تحلل الخلافة العباسية وقيام دويلات صغيرة قامت على أساس القهر والغلبة والعصبية . كان الرهان لعلي الهادي (ع) هو السلام لإصلاح العلاقات الداخلية والدولية على أساس : مركزية الوحي لإعادة ترتيب شؤون العالم وفق معايير قرآنية ، ولتثبيت هذه المركزية يجب المحافظة على استمرارية المرجعية القيادية الأصيلة وإبعادها عن الأنظار إلى وقت معلوم ، مما يتيح المجال لإعادة تجربة طالوت لما فصل بجنوده وقال : " إن الله مبتليكم بنهر" وذلك لغربلة النفوس حتى يميز الخبيث من الطيب على جميع الأصعدة ، بما فيها غربلة أصحاب الأديان والمذاهب ومرجعياتهم دون استثناء .
وسيترتب على هذه الغيبة النتائج التالية : حفظ الفكر الإسلامي والقيادة الأصيلة من المخاطر ، توحيد الكيانات المتفرقة ضمن مصالح دولية ، دفع عملية الأبحاث العلمية والدينية إلى الأمام وهذا سيلغي دعاوي الإصطفاف مع أي مرجعية دينية وعلمية في عصر الغيبة ، بناء المجتمعات العقائدية لمواجهة تحديات العصر، إلغاء الخطاب المذهبي والعرقي ، إعتبار أي مرجعية دينية مدارس فقهية فردية مستقلة مذهبيا بذاتها ليس إلا.