الهوية هي البداية والنهاية لحضارة الإنسان - 1


من نافلة القول أن الزمن هو وعاء كل الموجودات الحية مثلما المكان هو وعاؤها الثابت، كذلك كل الموجودات تقع ضمن هذه المعادلة بأحكامها التي تكتسب هيئتها منه، وما من ظاهرة من الظواهر الاجتماعية إلا كان الاجتماع الإنساني يفضح مفعول أحكامه حتى تبدو وكأنها كانت لحظة عابرة وهذا ما يسمى "بالحدث". وعندما يبدأ الإنسان في البحث عن ذاته في هذا الحدث سنجده يقع في السذاجة اللامتناهية لأنه يدخل في ثنائية الدوامة بين الفعل المادي وما يعبّر عنه بالفعل الجسدي والمشاعر التي يعبّر بها عن هذا الحدث فيما هو مرتبط بالروح، فهو بين ثنائية الجسد والروح عقل وشهوة ووعي ينطلق من خلالها إلى الإدراك الواعي لنفسه.

 وهذا الإنسان بدوره إذا سألته من أنت ؟ أو أنت اسأل نفسك من أنا ؟ فإذا كانت الإجابة تعادل أو تكافئ وجودك بعينه وكينونتك فإنك بلا أدنى شك ستدخل في إشكالية وجودية حيث فصلت نفسك عن الثنائية التي تنطلق منها فتصبح مثالياً ميتافيزيقياً ، ولكن ما معنى ذلك ؟ الفلاسفة عندما يعالجون مسألة ذات الإنسان أو هويته  فإنهم يحولون الهوية إلى قانون، أي إن هوية الإنسان تنقسم إلى قسمين : - قسم في الفكر في الوجود، وقسم مشاعر كالغيرة والحسد والإيثار، وهذا نقيض الواقع لأن مشاعر الإنسان مستقلة بذاتها وليس هو تحصيل حاصل، بمعنى إذا تلفظ الإنسان بعبارات تنم عن النفاق مثلاً فهذه الألفاظ هي في فكر هذا الإنسان، ولكن إذا رتب عليها أثر فذاك هو فعل الروح، فعل غير منظور، فهذا التصرف غير المنظور يعتقد بعضنا أنه موضوع صوري لا يمكن فهمه إلّا نظرياً بينما الفعل هو شكل هوية الإنسان، إذاً الإنسان هو هو سواء باللفظ المادي أو بالفعل غير المنظور ولكن ثمة سؤال :- من الذي افترض أن هناك شيئاً غير الشيء نفسه ؟  هذا سؤال  غير صحيح والاستدلال به خطأ  كذلك وليس في محله ، لماذا ؟ لأن الموضوع في ذهن الإنسان هو وحدة متكاملة، فالهوية تتداخل في ماهية الإنسان أي الطبع يغلب التطبّع .

سؤال :- ما هو مفهوم الهوية ؟ وما هو مفهوم الماهية ؟ الهوية لغة :هو شيء نفسه أي هو هو وكما ذهب إليه أليكس ماكشيملي أن الهوية هي مجموعة معايير يُعرف بها الفرد، أما الماهية فيقول دكتور حسن حنفي: إن الماهية متداخلة مع الهوية لا تنفصل عنها، فهي نسق متطابق في المنطق وكلا المصطلحين يعودان إلى جذر واحد "هو" لا إلى جذر لغوي بل إلى مفهوم الأصل "هو"، فإذا كان كذلك إذاً الهوية تخص الإنسان نفسه وتخص المجتمع، فأي إنسان في المجتمع أو أي فرد في المجتمع هو إنساني خالص والمفارقة بين كل واحد منا كإنسان هو ما تنقسم عنده من حيث ما هو كائن وما يجب أن يكون في الواقع، أي ما كان في الماضي وما يجب أن يكون في الحاضر، فكلٌّ منا يحمل ماضياً في ذهنه من حيث التربية ومن حيث التعليم ومن حيث التفاعل الاجتماعي، فإذا انفصلت عما كنت عليه فحتماً ستعيش حالة الاغتراب، لنوضح أكثر من خلال مفهوم الهوية عرفنا أنها تعبير عن الإنسان نفسه فأنت تعبّر عن مفهوم الحرية مثلاً ضمن فهمك أنت، وتعبّر عن ذاتك ضمن فهمك أنت لذاتك لا أحد يتدخل معك في هذا الفهم، وهذا ما يسمى بالهوية المكانية، إذاً الهوية تولد معك وتنمو معك وتتكون معك وتتغاير معك وخضوعك وتبعيتك للغير أيضاً تعيش معك ، أنت هو ذاك الجرم الصغير الذي انطوت فيه كل هذه المفاهيم ، والحمد لله رب العالمين.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الجمعة 2025/6/6 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير