زينب بنت علي من المحراب إلى النضال (4)


مولد السيدة الجليلة  فاطمة الزهراء  الأقوال فيه لا تخرج عن ثلاث مواقف : (مولدها قبل البعثة بخمس سنوات ، ومولدها عند البعثة  ، ومولدها بعد البعثة بخمس سنوات. أما الذين ذهبوا إلى تاريخ مولدها قبل البعثة  بعام واحد هو ابن حجر  (1)، أو بخمس سنوات بعد البعثة هو المجلسي (2)    .  أما ولادتها بخمس سنوات قبل البعثة قد انفرد كبارعلماء الإمامية من أعلام القرن الثالث الهجري وهو إبن أبي الثلج البغدادي (3)  حيث وافق عليه أهل السنة أيضا مما يعني أن عمرالنبي الخاتم (ص) كان وقتئذ 35 سنة وعمرالسيدة خديجة 50 سنة. أي قبل الإسراء والمعراج بسبع سنين وهذا يعني أن السيدة فاطمة قضت طفولتها مع أبواها على دين أجدادهما ، فالنبي الخاتم (ص) كان على دين  جده إبراهيم الخليل النبي ، والسيدة خديجة كانت على دين النصرانية وهو دين إبن عمها ورقة بن نوفل. 

علما أن السيدة خديجة لم تكن نصرانية فهي كانت من الحنفاء الذين رفضوا عبادة الأوثان قبل البعثة وكانت تعتقد أن هناك إله واحد يدير شئون هذا الكون ،  والدليل التاريخ لم يخبرنا  يوما  أن السيدة خديجة اتخذت  الصليب المقدس في العبادة  أو حملته  معها كأهم  رمز من رموز الديانة  المسيحية  هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإنه يجمعها مع رسول الله (ص) النسب في جده قصي من جهة أبيها وفي لؤي بن غالب من جهة أمها وفي عبد مناف بن قصي من جهة جدتها لأمها.  وقد كانت السيدة خديجة سيدة نساء عصرها ولقبت بالعفيفة لأنها كانت تضع الحجاب على رأسها وتستر سائر بدنها بالكامل بما يعرف لدينا الآن بالعباءة على الرغم من أن الشريعة المحمدية لم تكن موجودة  بعد ولكنها كانت على دين التوحيد ، دين إبراهيم النبي ، وكانت حشمتها هذه هبة من عند الله شأنها في ذلك شأن كل العفيفات اللاتي اصطفاهن الله سبحانه وتعالى وأكرمهن  منذ بدء الخليقة كالسيدة سارة زوجة إبراهيم النبي والسيدة مريم بنت عمران  وغيرهن من الصالحات المؤمنات على مر التاريخ..

ووالد السيدة خديجة  «خويلد بن أسد» كان في ذروة قريش نسباً وشرفاً ومكانة وما يذكر له أنه واجه آخر التباعية ملوك اليمن وحال بينه وبين ما أراده من أخذ الحجر الأسود معه إلى اليمن. وهو من أقران عبدالمطلب جد الرسول الخاتم (ص) ، ويذكر المؤرخون أنه كان ضمن الوفد الذي ذهب بقيادة عبدالمطلب إلى اليمن لتهنئة سيف بن ذي يزن لإنتصاره على الحبشة .أما أم السيدة خديجة فهي السيدة فاطمة بنت زائدة وينتهي نسبها الى عامر بن لؤي بن غالب ، وقد كانت امرأة يشهد لها بالجمال وعزة النسب ورجاحة العقل، أما جدتها لأمها فهي السيدة هالة بنت عبد مناف التي يصل نسبها الى لؤي بن غالب، وقد كانت ذات شأن في قومها حسيبة نسيبة من أشراف العرب وأسماهم عرقاً ، وكلا أبويها من أعرق البيوت وأكثرهم كرماً وخلقاً حتى قبل ظهور الإسلام ، وحسب الماثورات الدينية أن النبي الخاتم (ص) كان نبيا قبل خلق آدم أبو البشر فهل يعقل أن يتزوج النبي الخاتم (ص) من قوم يجعلون لله ندا ؟ مؤكد لا  

أما الذين قالوا في مولدها عند البعثة حيث إستفرد  محمد المناوي  بهذه الرواية (4)،  فيكون عمرالنبي الخاتم (ص) 40 سنة وعمرالسيدة خديجة 55 سنة أي قبل الإسراء والمعراج  بسنة واحدة. أما الذين قالوا أنها ولدت بعد البعثة بخمس سنوات وبعد الإسراء والمعراج بثلاث سنوات فهو قول (النيسابوري في روضة الواعظين ص 143) وهي الرواية المعتمدة الآن وتقرأ على المنابر وتنقل عبرالوسائط الإعلامية المتعددة ، 
وهذه الرواية جعلت السيدة خديجة تنجب وهي في عمر 60 سنة ، وهذا أمر كان شبيه بالمعجزة في مكة والجزيرة العربية في تلك الفترة لأنه نادر التحقق في التاريخ. وهذه السيرة التاريخية عن مولدها إعتبرها البعض باهتة ولا يمكن الرهان عليها في كتابة ترجمة السيدة فاطمة لأنهم لاحظوا أن التاريخ إقتصرعلى ثوابت تاريخية وهذا مخيب للآمال فانبروا يؤولون أحداث التاريخ المقترنة بالسيدة فاطمة.فاصطدمت النصوص التاريخية مع التراث الروائي الذي بني على نصوص نسبت إلى النبي الخاتم (ص) والأئمة الطاهرين ، فاختلط الحابل بالنابل وخرجت سلطة النص من يد إلى يد أخرى .

السيدة فاطمة ظهرت على صفحات التاريخ حين تقدم بعض الصحابة لخطبتها ومنهم علي بن أبي طالب ، والذي تزوجت منه حيث اختلف المؤرخون في تحديد عمرها عند الزواج فالبعض ذهب أنها تزوجت عن عمريناهز 15 سنة على اعتبارأن ولادتها كانت قبل البعثة بخمس سنوات ، والبعض الأخرذهب أنها تزوجت عن عمر يناهز 7 سنوات على اعتبارأن ولادتها كانت بعد البعثة بخمس سنوات حيث اتفق أغلب المؤرخين المسلمين أن ولادتها كانت يوم الجمعة 20 جمادى الآخرة ، ولرفع بعض الغموض عن جزئية  تاريخ ولادتها 

تعالومعي لنأخذ الروايات المختلفة  التي حددت ولادة السيدة فاطمة ونطبق التقويم اليولياني الشمسي الذي دخل حيز التنفيذ عام 47 ق .م  والذي حاول محاكاة السنة الشمسية ويتكون من 365 و25 يوما  واستمر حتى القرن االعشرين ثم عدل بالتقويم الغريغوري عام 1923م
 وهو المعمول به الأن في التقويم الشمسي ، وبما أن العرب كانوا يؤرخون أيام السنة بالأحداث سنقوم  بعملية تحويل بين التاريخ الميلادي والتواريخ  قبل الهجرة بشكل مختصر و دقيق بحيث ستكون النتيجة مفصلة لكم وتحتوي على اليوم والشهر والسنة.  (ملاحظة  إختصار ق.هج= قبل الهجرة)

 أولا : بعد البعثة بخمس سنوات يصادف يوم الخميس : (20 جمادى الآخرة(-7 ق هج ) الموافق (27- 3 ـ 615 ميلادي) وليس الجمعة 
ثانيا :  في سنة البعثة يصادف يوم الأربعاء (20 جمادى الآخرة (-12 ق.هج) الموافق (20 – 5- 610 ميلادي) وليس الجمعة
ثالثا : ولادتها قبل البعثة بخمس سنوات يصادف يوم الجمعة (20 جمادى الآخرة (ـ 18 ق هج) الموافق (24-7ـ 604 ميلادي).

 حسب التقويم الغريغوري الميلادي تكون ولادتها يوم الجمعة 20 جمادى الآخرة قبل البعثة بخمس سنوات وعمرها حين زواجها كان 15 سنة ، بعد أن عرفنا  ذلك  ، أصبح سهلا علينا الآن تحديد تاريخ ولادة السيدة زينب. الحمد لله رب العالمين. 

المصادر
  1.إبن حجر، الإصابة ، ج8 ص 263
  2. باقر المجلسي ، بحار الأنوار،  ج43 ص 9 
  3. إبن أبي الثلج البغدادي ، تاريخ الأئمة  ، ص 3 
  4. محمد المناوي ، إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب ، ص 24


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير