الطلاق بين المرجعية الدينية والقانون (8)


كان الكلام  فيما مضى أن البعد الأقتصادي يتبناه الزوج  لضمان استقرار  الأسرة ، وفي المقابل ماذا يريد من الزوجة  ؟ ركزوا معي رجاء  نحن عندما نرجع إلى المعارف الدينية في الإسلام  سنجد على المستوى العقائدي وعلى المستوى الثقافي وعلي المستوى الاخلاقي وعلى المستوى الفقهي  وعلى  المستوى الاقتصادي  تحاول أن تحصن الأسرة  وهذا يعني إذا اجتمعت كل هذه المنظومة فإننا نستطيع القول أن الأسرة لا يمكن اختراقها  وبالتالي فالمجتمع أيضا لا يمكن اختراقه.

 القرآن الكريم عندما يتحدث عن النواة الأولى  في بناء المجتمع  وهي الأسرة ، وضع لها مواصفات خاصة وهذه المواصفات هي : المودة والرحمة  ، أنتم لباس لهن وهن لباس لكم ، السكن والاطمئنان والاتكاء على بعضهم البعض ، فإذا كانت هذه المواصفات للأسرة .

بالنتيجة سيكون المجتمع أيضا بذات المواصفات  فيه المودة والرحمة ، فيه الاطمئنان واتكاء افراده على بعضهم البعض والذكور لباس للإناث  وهن لباس للذكور  يعني التضحية والإيثار يعني الإنفاق يعني السماحة يعني الوحدة  يعني يعني  عدد ما تشاء من المفردات  في المنظومة الأسرية التي منها تبدأ هذه المفردات  وبهذه الإيجابيات هل سيقبل الإسلام فسخ عقد الزوجية ؟  مؤكد لن يقبل  والذي يهدم هذه المواصفات والعلاقات هو الطلاق  

 أنت إذا رجعت إلى النتائج التي استخلصها المختصون من دراسة ظاهرة الطلاق المبكر في المجتمعات الشيعية مؤخرا أن الجانب الفقهي لم يلعب دورا كبيرا في الحد من الطلاق المبكر ، وذلك  بسبب عدم مراعاة الجوانب الأخرى ضمن المنظومة الدينية  بمعنى  أن مسألة الطلاق التي  تبحث في الكتب الفقهية  من زاوية فقهية محضة  ، بينما  الطلاق الذي  خرج من رحم النواة الأولى وهي الأسرة  ذو أبعاد مختلفة وليس ذو بعد واحد  فقط 

 لهذا تجد هناك علم الاجتماع الأسري ، وعلم النفس الأسري ، وعلم الطفولة ، وعلم النفس للطفل ، وعلم الإرشاد النفسي ، وعلم الإرشاد التربوي ، هذه العلوم موجودة ضمن المنظومة الدينية ولكنك ركزت فقط على علم الفقه ، قل لي هل وجدت يوما إمام مسجد القى درسا في قانون الأحوال الشخصية ، أو في الأحكام الفقهية المقارنة في الأحوال الشخصية  ؟ 

الجواب  كلا  ، والحال نحن جميعا نعيش ونتحرك ضمن المنظومة الدينية  السؤال  هل الفكر الحداثي يتحدث عن تنظيم الأسرة أم لا ؟  مؤكد يتحدث ويعتبر الأسرة  أساس بناء المجتمع ، إذن الرؤية الدينية للأسرة لم تختلف عن الرؤية الحداثية لها   ولكن الاختلاف  أين  ؟ 

 نحن فهمنا أن العلاقة بين الذكر والأنثى  قائمة على أي أساس في المنظومة الدينية ؟  على أساس أن الذكر هو القيم على الأسرة  وهذا الاعتقاد موجود في الفكر الحداثي أم لا ؟  نعم موجود ولكن العلاقة يجب أن تكون على أساس تكميلي وليس على أساس التبعية . مثلا أنت في الواقع الخارجي ماذا تجد أي من المنظومات الأسرية تتحرك  المنظومة الدينية أم المنظومة الحداثية ؟  المنظومة الحداثية ،  لماذا ؟ 

  هم يقولون  نحن كلما أردنا الاستفادة من منظومتكم الدينية حول الأسرة نجد كل شيء هو لصالح الرجل  وليس لصالح المرأة ،  صحيح أنتم ترفعون شعارات متعددة  أن الإسلام أعطى للمراة حقها في الميراث ولكن نجد أن المرأة تعمل وتصرف على الأسرة الزوجية ثم تقولون  أن الإسلام أعطي للذكر سهمين من الميراث وسهم واحد للمرأة 

ووجدنا أن الرجل يطرد زوجته من البيت ليلا ثم يقدم لها رسالة شفهية عبر قنوات أنها طالق ولا يتم تعويضها عن سنوات الزواج ، ووجدنا أن الطلاق بيد الرجل  فإذا كان هو من اختار الحياة العزوبية ويخون الحياة الأسرة الزوجية لماذا لا تعطى الطلاق بيد المرأة ؟ ،

 وجدنا أيضا أن رجل الدين يطلق المرأة دون سند قانوني أو تصريح شرعي  صحيح ،  إذن أنتم اسستم بنيانكم و منظومتكم الأسرية وربطتموها بالدين من أجل إضفاء الشرعية على تصرفات الذكر حتى لو كانت خطأً  ، فهذه العلاقات بين الزوج والزوجة بين الذكر والأنثى نرفضها  ، من هنا ظهرت الحركات النسوية  وقد تحدثت عنها في بحث تحرير المرأة قضية جدلية .

 تصور أنت تزوجت من إمرأة روسية أو إمريكية أو بريطانية أو فرنسية،  إمراة تعيش عصر الحداثة والعولمة ، أنت كمسلم تزوجتها  وشرطت عليها أن تعتنق الإسلام ووافقت على هذا الشرط وتزوجتما  وحصل خلاف بينكما ، وبكل ود قلت لها  الأفضل أن نفسخ هذا العقد الزوجي  الذي بيننا 

 السؤال  على أي مبنى فقهي ستقوم بتطليقها  هل على مبنى السيد السيستاني أم الولي الفقيه السيد علي الخامنئي أم السيد محمد إسماعيل الصدر أم الشيخ فياض أم الشيخ وحيد الخراساني أم الشيخ بشير النجفي أم السيد محمد تقي المدرسي أي منهم ؟

الجواب على مبنى  أحد هؤلاء الفقهاء  ،جيد جدا  ، السؤال :- زوجتك تعرف هؤلاء الفقهاء  أم لا تعرفهم ؟  لا تعرفهم  ممتاز  ستقبل بأحدهم كطرف في فسخ العقد الزوجي  أم لا  ؟  الجواب ممكن نعم وممكن لا ، لنفترض لا لن تقبل  ،  لماذا  ؟ 

  لأنها  تستند على منظومة أسرية كتبها   كانط في الأخلاق  وهيجل في العلاقات العامة  وكارل ماركس في النمو الاقتصادي  وماكس فيبر في إدارة المؤسسات ، وبرتراند راسل في البناء الاجتماعي ،  ووليم جيمس في علم النفس ، وأميل دوركايم  في علم الاجتماع ،  وعلى هذا الأساس سنت قوانين الطلاق 

 ساذكر بعض قوانين الطلاق في إمريكا  حسبما نشره الموقع بلاد الإلكتروني  وهي على النحو الأتي :أولا : أن يكون قد مضى على الزواج 5 سنوات  ، ثانيا  : أن لا يكونوا قد أنجبوا أطفالا ، ثالثا :  يجب أن يكونوا مستأجرين العقار الذي يسكنونه ، رابعا :  ليس على أحدهم ديون  تتجاوز 6000 دولار ، خامسا : يمتكلون أقل من 41 ألف دولار من ملكيتهم المكتسبة أثناء فترة الزواج ويستثنى من ذلك السيارات ،
 سادسا : موافقة الزوجة على التخلي عن دعم زوجها  سابعا : لا يمتلكان أكثر من 41 ألف دولار من الممتلكات المنفصلة حصلوا عليه قبل الزواج  ثامنا : أن يكون أحد الزوجين قد ارتكب خطأ يوافق عليه القاضي 

أما قوانين الطلاق في ألمانيا  نذكر بعض منها : أولا :  يجب أن يقرر الأطفال مع من يريدون بناء مستقبلهم  ، ثانيا : الطلاق المبدئي سيكون لمدة 3 سنوات  ثم يصادق على الطلاق النهائي  ثالثا : تعطى المرأة  إذا كان الأطفال عندها راتب التقاعد الزوجي بعد الطلاق يسمى بتسوية  حقوق التقاعد  وفي حالة عدم وجود الأطفال  فعلى الزوج أن يدفع  لها  جزءأً من راتبه التقاعدي 

تعالوا إلى شروط الطلاق عند الفقهاء الشيعة  أولا شروط للزوج ،  جاء في منهاج الصالحين جزء 3 كتاب الطلاق في شروط الطلاق من مسألة رقم 473 إلى 478  البلوغ ، العقل ، عدم الإكراه ، وقوع الضرر على نفسه وماله وعرضه وعلى بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره  .والأضرار يتم التركيز على منع من ممارسة حق الفراش .

 ثانيا شروط للزوجة   : أولا : أن تكون في طهر غير المواقعة  ، ثانيا : أن لا تكون حامل  ، ثالثا  : أن تكون زوجة دائمة  

للحديث تتمة في الحلقة (9) إن شاء الله تعالى ... إلى اللقاء.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير