لم يرتق الذهن الغربي في موروثه في طبيعة الصراع مع الإسلام الذي لا زال يعتقد أن إزالته سوف تكون على نمط انهيار الفكر الشيوعي الذي ظل الغرب يستنفذ طاقاته على مدى سبعة عقود أو أكثر منذ تأسيس الاتحاد السوفيتي عام 1922م ، وبالتالي انتهت الحرب الباردة بينه وبين الغرب بقيادة أمريكا في 26 ديسمبر عام 1991م ، ليبدأ الغرب صراعه مع كما أسماه الخطر الأخضر وهو الإسلام لأنه متأكد أنه خالي الوفاض من الداخل وليس لديه ما يجذب الغير إلى معتقداته وأفكاره لذلك بدأ أبناءه وعلماءه حين اكتشفوا في القرآن الكريم من المفاجآت و المعجرات العلمية لا تصدق اعتنقوا الدين الإسلامي على يقين أن هذا المصحف الشريف هو كتاب عقيدة ومنهاج حياة
مع مطلع العقد الثامن مِنَ القرن الماضي أنتجت قناة بريطانية فيلماً عرضته في حلقات متصلة بعنوان " السيف الإسلامي" لبلورة المخافة من الفكر الإسلامي حيث فاتح الفيلم المشاهدين عن سرعة انتشار الإسلام في الغرب، فبدأت كتابة سيناريو الحرب ضد الإسلام على جبهات كثيرة خصوصا في الدول الأقلية المسلمة أولاً ثم في الدول الإسلامية وبأساليب مختلفة تقليدية تارة وغير تقليدية تارة أخرى ، فبدأ أولاً بنبيه عليه أفضل الصلاة والسلام حتى ينفر المجتمع الإنساني منه فيزهد في الدين الإسلامي الذي عاد يشكل خطراً وجوديا عليه ، لذلك احتضن الغرب كل من أساء إلى الإسلام بقوله وفعله وأغدق عليه العطف وبذل في رفع شأنه المال وأعطاه من الجوائز و الأوسمة ، و رفع قيمته و قامته من خلال الاحتفالات والثناء عليه وكتاب الآيات الشيطانية للمدعو ( أحمد سلمان بن أنيس أحمد رشدي ) الهندي النجار الحامل للجنسية البريطانية ليس ببعيد الذي أساء إلى النبي الخاتم ( صل الله عليه وآله وسلم ) دون أن تنبس بريطانيا ببنت شفة استنكارا على الإساءة لنبي من أنبياء الله بل اعتبرته الملكة إليزابيث الثانية من أفضل الروائيين الذين يعيشون في بريطانيا ، وفاز " سلمان رشدي" بكل جائزة أدبية متوفرة من ويست فورد لجيمس ، لتأتي السويد وتمنحه جائزة " توغولوسكي" للآداب عام 1992 م و جائزة المفوضية الأوروربية التي حصل عليها عام 1996م
وفي بنغلاديش نهضت رواية للمدعوه : ( تسليمة نسرين بنت رجب علي ) بعنوان " لجا" أساءت إلى النبي الخاتم ( صل الله عليه وآله وسلم ) وتفجرت على أثرها احتجاجات شعبية في بنغلاديش وتم إقصاؤها مخافة سقوط الحكومة لتحتضنها بريطانيا وأمريكا ودولُ أخرى ، كل هذا لتؤكد للعالم أن الإسلام دين عنف و إرهاب وأن نبيه "صل الله عليه وآله وسلم" هو معلمهم ، لينشئ الغرب غرف عمليات للتخطيط العسكري لتحقيق أهداف استراتيجية ، فكانت أولى هذه العمليات حادثة تفجيرات نيويورك في 11 سبتمبر 2001 م والتي تم التخطيط لها بإحكام وألقي تبعات التفجيرات على الإسلام والمسلمين لتجد أمريكا ذريعة لشن الحرب على الدول الإسلامية ( أفغانستان والعراق ) أحرقت الأخضر واليابس ، ولكن هذا الحريق ما لبث أن مس تلابيبها فخسرت أمريكا هذه الحروب معنويا وماديا وزادت ظاهرة الانتحار في صفوف جنودها
وضمن الحرب غير التقليدية بدأ الغرب الإساءة إلى النبي الخاتم " صل الله عليه وآله وسلم " عبر رسوم كاريكاتيرية نشرتها صحيفة دنماركية اسمها " ليلاند بوستن" وكذلك صحيفة " شارلي إيبدوا " الفرنسية نشرت صوراً كاريكتورية لشخص النبي الخاتم ( صل الله عليه وآله وسلم ) ، ناهيك بما قرره الغرب في إثارة الحرب ضد المسلمين واتهامهم بأنهم وحوش يجب التصدي لهم ، ففي يوليو 2012م وضعوا فيلما مدته 14 دقيقة ترجم إلى اللغة العربية أساؤوا فيه إلى الإسلام ، ولم يكتفوا بذلك فبدأوا بحرب غير تقليدية أخرى عندما قامت القوات الأمريكيّة المُدَرَّبَة على كراهية الإسلام بإحراق نسخ القرآن الكريم في أفغانستان ، مما أثار حفيظة المسلمين في العالم واندلعت الاحتجاجات سقط فيها أكثر من 300 مسلم بين قتيل وجريح
وإنه لحديث أمس ما صنعته حكومة السويد بالسماح لحرق القرآن الكريم وتنظيم تظاهرة يخطط منظمها لإحراق نسخ من المصحف الشريف في أول أيام عيد الأضحى المبارك عام 1444 الهجري ، واعتبرت أن السماح لحرق المصحف الشريف ليس من النوع الذي يستدعي رفض الطلب ولكنه عمل غير مناسب كما جاء على لسان رئيس الوزراء السويدي ( أولف كريستوسون ) واللآفت للنظر أن رئيس وزراء السويد انتقد ردة فعل العراقيين إزاء الجريمة وقال " إنه من غير المقبول بتاتا دخول المحتجين إلى مبنى السفارة في بغداد " ولكنه تناسى أنه قبل ساعة سمح في توفير الحماية للمجرم وهو ينفذ جريمته وفقا للقانون السويدي بينما اعتقلت الشرطة السويدية مسلما أراد منع تنفيذ الجريمة ، هم سمحوا لأنفسهم ممارسة حقهم القانوني في حماية المجرمين ولا يحق للشعوب المسلمة ممارسة حقوقها المشروعة في الدفاع عن عقيدتها سواءً في اقتحام السفارة السويدية او أي إجراء آخر تراه الشعوب المسلمة مناسباً للرد على جرائمهم
من هنا يتضح لنا أن الغرب وفقا لقوانينهم يجيزون لأنفسهم حماية المجرمين ويطلبون من الآخرين عدم الانفعال والإلتزام بالهدوء لأنها حرية التعبير، صحيح أن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان، ولكن الغرب بهذا المنطق حريص على إبقاء العالم الإسلامي جسداً بلا روح لتحقيق أهدافه الكاملة ، ولا أرى أن الغرب يريد أن تعيش الشعوب أندادا متساويين في الحياة ، لذلك أسسوا بنيانهم على بث الرعب وسلب الناس الشعور بالأمن والأمان ، وهذا العداء الغربي للإسلام ممتد منذ الحملات الصليبية حتى حروب الاستقلال. وحرق المصحف الشريف حلقة من حلقات مسلسل الحروب الصليبية والتي من شأنها تأجيج مشاعر المسلمين من جهة ومزيد من الترهيب لهم من جهة أخرى ، وهذا التصرف الشائن الذي أقدم عليه شخص أحمق وأحرق القرآن الكريم في السويد كانت رسالة الغرب لتؤكد فيها قابلية المسلمين للنزاعات والفتن
وما أقوله ليس مجرد وهم أو اتهام الغرب بما ليس فيه بل هم يعترفون على لسان رؤوسائهم وذلك حين أشار الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن في حربه ضد الإرهاب بأنها حملة صليبية ، و كان هذا سبب في إشاعة تسمية الإرهاب الإسلامي كطريق سهل لتأكيد الهيمنة وتعزيز سيطرته على البلدان الإسلامية خاصة هناك طابور خامس مساعد للغرب يتحكم بعقول المسلمين هدفه الجاه والسلطة والشهرة ، وفي ظل هذه الظروف وبحسب تقدير الغرب فإن تكلفة خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين منخفضة جدا إذن سيكون من السهل حشد العالم وراء وهم" الإسلاموفوبيا ".