عرفنا أن أصل الأول في تكوين المجتمع هي الأسرة ، النواة الأساسية التي يقوم عليه أي مجتمع بشري ، وإذا رجعنا إلى الكتب السماوية المقدسة سنجد أنها تركز على أهمية تأسيس هذه النواة وتقف موقف المدافع للحيلولة دون انهيارها ، فشريعة عيسى النبي ركزت على مركزية الأسرة في بناء المجتمع واعتبرتها السر المقدس في بقاء الشريعة ، وأحد دور العبادة فهي الكنسية المصغرة.
والطلاق يعتبره الفكر المسيحي كالزنا بمعنى إذا طلق الرجل زوجته فهو ابن الزنا ولا يحق له أن يتزوج بعدها إلا زانية والعكس الصحيح إذا طلبت المرآة الطلاق فهي زانية ولا تتزوج بعده إلا زان (المصدر إنجيل متى 6:19)
والقرآن الكريم شدد في بقاء هذه المنظومة الاجتماعية حيث اعتبر من يهدم هذا الكيان كمن عصى الله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]
إذن الأصل الثاني في تأسيس الأسرة هما الذكر والانثى والشعوب تكونت من ذكر وأنثى والقبائل تعارفت بهذين الركنين الذكر والأنثى ، والملفت للنظر أن أستاذنا في مادة التفسير الترتيبي في جامعة المصطفى المفتوحة – إيران قال
أن القراءة للآيات القرآنية في بيان تكوين الأسرة لم يذكر لفظة الزوج والزوجة معا بل ركز على اللفظ الذكر و الأنثى لماذا ؟ قال كي تسير أحكام الأسرة وفق التطور التاريخي لها من زمن إلى زمن آخر وهذه الألفاظ الذكر والأنثى تكررت في التوراة في سفر تكوين 26:1 أيضا ، وهذا يدل أن الكتب السماوية تعاملت مع الإنسان من خلال هذين الجنسين في كل منظومتها الأخلاقية والتشريعية والفقهية
السؤال ما معنى تاريخية الأحكام ؟ ركزوا معى على الجواب ،
قبل الإجابة عليه نطرح هذا السؤال هل الذكر مشمول في كلمة إنسان أم لا ؟ الجواب نعم ، وهل الأنثى مشمولة في كلمة إنسان أم لا ؟ الجواب نعم إذن تعريف الإنسان يشمل الذكر والأنثى ، عندما قال الله إني خالق بشرا من طين البشر هنا يشمل الذكر والأنثى معا وعندما قال خلقكم من نفس واحدة ونفخت فيه من روحى أي كلا الجنسين الذكر والأنثى خلقا من روحي لم يقل رب العزة الأنثى في مرتبة دونية لأنه عزوجل خلقها من ضلع آدم هذا التراث الإسرائيلي يرفضه القرآن الكريم
فإذا كانت هذه صغرى النتيجة فالكبرى ستكون أي حكم في القرآن الكريم هو للذكر والأنثى معا لا تمييز أو تمايز بينهما ولكن نحن عندما نذهب إلى الكتب الفقهية ماذا نجد القوامية بيد من ؟ الذكر ، الحضانة بيد من ؟ الذكر ، الطلاق بيد من ؟ الذكر ، من يأخذ أكثر حصة في الميراث ؟ الذكر ولكن القرآن يرفض هذا التمييز.
وأعتقد أنني بينت هذه الجزئية في الأبحاث السابقة في بحث و اعلموا أني فاطمة وكذلك في بحث تحرير المرأة قضية جدلية أنه لا يوجد تمييز بين الذكر والأنثى وهم متساوون الفرق بينهما هو أن لكل إنسان ما سعى ذكرا كان أم أنثى فالروايات التي تتحدث عن نقصان عقل المرأة وأنها كالأنعام نرمي بها عرض الحائط لمخالفتها للمنهج القرآني .
هذا الكلام يأخذنا إلى تحديد الاتجاهات للذكر والأنثى الاتجاه الأول هو أن كلا الجنسين خلقا من نفس واحدة والاتجاه الثاني أن لكلا الجنسين خصوصيات معينة للذكر خصائص وللأنثى خصائص بحسب التكوين والخلق وبينهما خصائص عامة مشتركة وخصائص خاصة لكل منهما والاتجاه الثالث هو ما نجده في كتب الفقهاء أن خصائص الذكر أشرف وأفضل من خصائص المرأة .
وهذه القراءة في كتب الفقهاء وللأسف الشديد هي قراءة دونية وقراءة احتقار للمرأة لأنها قراءة تنسجم مع توجهات الفقيه وثقافته فأصبحت هذه القراءات فوق الزمان والمكان فيأتي قول الفقيه ليسد الباب أمام جميع المعارف الدينية إلا علم النفس الذي قال للفقيه قف عندك هذه ثقافتك أنت عن المرأة وليست ثقافة النص القرآني أو المنطوق الوحي .
خذ مثلا معيار العلاقة التي يروجها الفقهاء عن المرأة أنها خلقت من أجل ماذا ؟ من أجل إشباع الحاجات الجنسية للذكر نحن قرأنا أن الفقية الفيلسوف السبزواري ماذا قال عن المرأة أنها ماذا ؟ هي كالأنعام يستريح الذكر إليها أليس كذلك فهي لإشباع العامل الجنسي للذكر فقط ،الآن أكثر الدراسات الاجتماعية التي تبحث عن الطلاق ما هي النتيجة التي يستخلصونها ؟ العامل الجنسي هو السبب الجوهري في الطلاق أليس كذلك
ولكن الدراسة التي قام بها مجموعة الباحثين مؤخرا حول ظاهرة الطلاق المبكر في المجتمعات الشيعية وأغلبكم قرأ نتائج هذه الدراسة لم يكن الجنس سببا جوهريا في الطلاق المبكر هناك عامل داخل الأسرة هناك عامل بخل الزوج هناك عامل تدخل الأهل في الشؤون الأسرة الزوجية هناك عامل الديون على كاهل الزوج هذه العوامل تساعد على الطلاق المبكر لماذا لا نجد لها نصوص دينية تعالج هذه العوامل للحد من ظاهرة الطلاق في كتب الفقهاء ؟ قولوا لا تخجلوا هذا واقعنا أم لا ؟
أنظر إلى الفتاوى إذا المرأة منعت نفسها من الزوج لسبب ما يطلقها الزوج ولكن إذا منع الزوج نفسه عنها لسبب ما نقول للمرأة عليك بالصبر فيأتي رجل دين ويصرخ في وجهها و في بيتها لتصبر على زوجها ولا تطالب بالطلاق منه هذه النتيجة استخلصناها ميدانيا من مقترحات هذه الدراسة التي دونها المشاركين في الاستبانة الشاهد هذه الثقافة الأشرفية البائسة للذكر التي يروجها أهل الدين أو رجال الدين يستندون عليها من النص القرآني بقراءة فقيه وليس بقراءة الوحي
القرآن صريح في كلامه في سورة آل عمران أشار إلى هذا المعنى قال: لا، وليس الذكر كالأنثى لا، ليس الأمر كذلك قال تعالى: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) إذن الذكر ليس كالانثى هناك تفاوت لا الذكر مثل الأنثى ولا الأنثى مثل الذكر هناك خصائص مشتركة بين الجنسين ولكنهما متفاوتان حسب النظرية القرآنية
السؤال هل هذا التفاوت تكويني أم اجتماعي أم اعتباري ؟ فإذا قلت تكويني فيمكن تغييره أم لا ؟ الجواب لا يمكن تغييره ولكن الذي نجده في العالم الآن حسب نسبة السالب والموجب ماذا يحدث فيه الذكر يقول أنا أحمل جينات أنثوية لا أستطيع العيش مع الذكور إلا مع الإناث فيتحول جنسيا من الذكر إلى الأنثى والعكس صحيح قد يقول قائل ماذا تقول النظرية المعرفة عن هذا التغيير في التكوين ؟ الآن اتركونا فيما تقوله نظرية المعرفة حول هذا التغيير في التكوين الجنسي من الذكر إلى الأنثى ، المهم التغيير حصل في التكوين أم لا ؟ الجواب نعم حصل
السؤال إذا جاء هذا المتحول جنسيا من الأنثى إلى الذكر ويريد أن يتزوج ، لأنها كانت أنثى وبها جينات ذكورية وتريد بناء أسرة فلا تسطيتع إلا إذا تحولت جنسيا من الأنثى إلى الذكر فقامت بتغيير جنسها وأصبحت ذكرا لكي يتزوج من الأنثى علما أن دينه صحيح وخلقه صحيح كل الصفات المذكورة في الحديث النبوى الشريف إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه متطابقة فيه هل ستزوجونه أم لا ؟
نكمل بحثنا في الحلقة (3) إن شاء الله تعالى ..... إلى اللقاء