بسم الله الرحمن الرحيم
"وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" (122) سورة التوبة.
بهذه الآية إفتتح سماحة السيد (كمال الحيدري) دروسه حول فقه المرأة حيث استوقفتي هذه الدروس ليفتح لي باب جديد بمنهجية جديدة وبرؤية جديدة وبآفاق جديدة للبحث عن المرأة ، وكباحث في علم الاجتماع السياسي أجد إن موضوع المرأة إذا لم يطرح بشكله الشمولي فإننا نضيع أوقاتنا في البحث دون الوصول إلى أي نتيجة مرجوة حول فقه المرأة.
لأنه لايمكن القبول بالقول أن الشرع أوقف المرأة عند حدود الزوج أو الأب ولا نستطيع القول إن القوانين والتشريعات هدرت حقها وجعلتها آلة تتحرك داخل المنزل لخدمة الرجل ، ومن هذا المنطلق كان حريا بنا النظرإلى فكرسماحة السيد كمال حول المرأة وفقه المرأة في إطاره الشمولي ، ولا ننسى أن سماحته بأبحاثه ودروسه أوجد بيئة نظيفة خالية من الشوائب في البحث عن أي مادة في الفقه يريد الفرد البحث فيها علميا.
حيث تنوعت طرق ومناهج البحث العلمي بحيث فتح للباحثين مجالات واسعة لإختيار مادتهم البحثية ، وهناك نوعان من البحث الكمي والنوعي وأغلب الباحثين يفضلون النوع الثاني لما له من أهمية كبيرة لفهم المادة العلمية المطروحه بعيدة عن الإخبار والأرقام ، من هنا ننطلق إلى موضوع بحثنا عن المرأة ككيان إنساني موجود على وجه الأرض.
إن مشكلة المرأة هي بين مد وجزر وأخذ وعطاء ولدت مع ولادة أول إنسان والذي يسمى بالعرف التاريخي (آدم أبوالبشر) وكما يقال إن المرأة خلقت من ضلعه (حواء) ثم طرد هذا الإنسان بسبب مخالفته للأمرالإلهي فطردا الإثنان معا وهبطا سويا إلى الأرض ليتناسلوا ذكورا وإناثا ، وأن كنا لا نقبل علميا نظرية خلق المرأة من ضلع الرجل كما سيأتينا لاحقا ، هذا التطورالاجتماعي البشري يلفتنا فيه التاريخ الذي دون تاريخ المرأة أنها النصف المتمم للرجل في حياته الاجتماعية والعملية ، ومن خلال قرأتنا لواقع الرجل نجد إنه المسيطرعلى النصف الثاني لهذا كان عليه الحصول على العديد من النساء بأي طريقة كانت سواء بالزواج أو الإسترقاق أو السبي ولم يكن لنظام الزواج أي اعتبارحينها ، هذه الحياة البدائية كانت متطلباتها السلب والنهب والقتل والغزو ، وهذا هو الإطارالأول العام لحضارة الإنسان على الأرض، وقد نستغرب إن هذا الإنسان البدائي توصل إلى صناعة الأواني واللباس وسعى نحو تحسين مأكله ومشربه وهو في بداية تطورسلمه التصاعدي نحو الكمال إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الآن ، ولا ننسى أن أجدادنا كانوا محرومين من هذا التطور الذي نعيشه الآن ، والمرأة على مرالأجيال العنصرالضعيف أمام الرجل ، فإنها إما أن تخضع لسطوته وإرادته وتتحمل منه القسوة وخشونة التعامل مما يجعلها تكبت في أعماقها الآلام والآهاءات والدموع ، فإذا وصلنا إلى هذا الحد مما ألقت الطبيعة على المرأة من واجبات أجبرتها على القيام بها. السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل الشرائع السماوية أيضا أرادت أن تقوم المرأة بأعمال الأمومة وتربية الأطفال والطبخ ونظافة المنزل فقط وتقبع تحت سطوة وسلطة الرجل ؟ أم إنها وقفت إلى جانبها لتأخذ مكانتها في المجتمع كعنصرفاعل جنبا إلى جنب الرجل تشاركه في أعماله نحو الرقي وبناء الحضارة الإنسانية كما أرادها الله تعالى لها. ترى ما هي المنهجية التي رسمتها الشرائع للمرأة في الحياة ؟
هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عليها في الجزء الثاني من : المرأة في فكرسماحة السيد (كمال الحيدري).
إلى اللقاء.