سلسلة رمضانية (4) العولمة الغربية ومشروع المهدوي العالمي


عرفنا في الحلقة (3) أن عدم تقديم القراءة الصحيحة من المرجعيات الدينية المسيحية والإسلامية عن المخلص الموعود إلى الناس أدى إلى فصل الدين عن السياسة ، كما أدى إلى الصدام الحضاري ، وتوقفنا عند السؤال : هل سيطرح المخلص الموعود برنامجه الإصلاحي على فرضية المباني الشيعية أوالسنية أوالحداثية أوغيرها ؟

بداية أحب أن أنوه للقارئ الكريم أنه إذا أراد أن تتكون لديه صورة كاملة وواضحة عن الحوار والصدام بين الحضارات عليه قراءة الجزئين 2ـ3 أيضا.

أما عن السؤال المطروح سأحاول الإجابة عنه من خلال عرض النظرة الفكرية عن المخلص الموعود في الأديان السماوية والبشرية ، ولأن القضية المطروحة هي منطق التعامل مع الآخر، فالأديان اختلفت في محورية المخلص الموعود.

علما إنه لا توجد هناك عبارة المخلص الموعود في أدبيات الأديان البشرية جل ما هو مكتوب إنه يجب أن تكون هناك شخصية تجتمع حولها البشرية ضمن قالب اجتماعي.

فالديانة الهندوسية والبوذية محورية المخلص الموعود عندهما إنه " الإنسان العارف " فهو يعرف كل شيء بطرق غير معروفة ، والكنفشيوسية عندها شخصية المخلص هو " الإنسان الكامل" لا هو نبي ولا هو وصي نبي ، بل هو إنسان كامل هذه النظرة تتطابق مع نظرية العرفان في الإسلام.

أما الأديان الإبراهيمية فإن محوريتها " النبوة " سؤال : العولمة على أي محورية تدورالآن لبناء نظام عالمي ؟ الجواب (النبوة) وعودة عيسى المسيح ، ماذا تعني العولمة ؟

العولمة تعني " الإنتماء العالمي بمعناه العام وهو تعبيرمختصر، فهي تشمل الخروج عن الأطر المحدودة الإقليمية والعنصرية والطائفية وغيرها" (مجلة اليمامة العدد 1507 ص 22-25). فالعولمة تهدف من خلال هذا المعنى إلى إنشاء مشروع عالمي متعدد الميادين في التنوع الثقافي بين الأمم فالأديان مثلا عليها قبول الآخر بالتنوع والتعدد ، فكان من مظاهرها رفض كل ما هو مقدس وخصصة الدين وفرض المنظور التعددي في الممارسات العقائدية.

للتوضيح أكثر نحن إذا اختلفنا في النقاش مع أحد ما نقول له " إنني أحترم رأيك " في ظل هذا المعنى للعولمة هل تستطيع قول ذلك ؟ الجواب كلا لأن المنظومة تقول لك إقبله لا أن تحترمه ، القبول شيء والاحترام شيء آخر.

في ظل هذه المعطيات هل تستطيع إقامة حوار مع الغرب ؟ الجواب من الناحية العملية الطريق طويل وشاق ، لأن الغرب يلقي اللوم على المرجعيات الإسلامية في أخطاء المسلمين التي سببت أزمات متتالية ، وعلى أساسها عمل الغرب لبناء الأسس " الإقتصادية والسياسية والفكرية والاجتماعية " للعولمة.

هذه الجهوزية في تعميم الحضارة واستخدام آلياتها (كالعلوم المعلوماتية) التي فرضت نفسها كحضارة عالمية أدى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي، فانعدم التميز بين إجراءات العولمة وقيم العولمة ، وهذا بحاجة إلى صيغة فكرية غير قابلة للإرتداد في الحوار.

فهل توجد عند المرجعيات الإسلامية هذه الصيغة ؟ الجواب نعم توجد ولكن في مكتبة القرن السابع وليس في مكتبة القرن الواحد والعشرين ، لأن المسلمين وصلوا إلى أرذل العمر في التطورالفكرالإنساني.

يقول الله عزوجل في سورة الحج -22 " ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ".

المسلمين ينقلون حديثا عن خاتم الرسل (ص) " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا " غربة الإسلام في فكر المسلمين وليس في الفكر الإسلامي ، لأنهم لا يستطيعون مواكبة روح العصر فقوتهم التي بدأت من القرن الأول إلى القرن السابع الهجري تقهقرت إلى أرذل العمر ،

والدليل أنظر إلى فقه المعاملات ، هل هناك تجديد في المنظومة الفقهية الإقتصادية تقف وجها بوجه أمام العولمة الإقتصادية ؟ لا توجد هذه المنظومة ، كل ما هنالك بعض الحواشي في كتب أصول الفقه وعليها تدورعجلة إدارة المال العام. فهل يمكن للمهدي (ع) أن يقيم مشروعه العالمي على مباني الفقهاء ؟ الجواب كلا

لأن حركة التجديد وبناء المنظومات المعرفية لا تتم إلا بإزالة عوامل الجمود الثقافي والشوائب التي ألصقها الإنسان بنفسه ، وهي الحركة التي ستعيد للإسلام نضارته في التعايش مع الآخرين ،

فلا تتعجب إذا قرأت يوما أن أحد وزراء المهدي (ع) سني المذهب وقائد كتيبة جيشه مسيحي الديانة ، فإذا كانت هذه تشكيلة حكومته هل سيقبله الفكرالحداثي لقيادة العالم أم لا ؟ مؤكد سيقبله لأنه يتفاعل إيجابيا مع تحديات العصر


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير