سلسلة رمضانية (7) فقه المعاملات والتنظيم القانوني (المصارف المالية) أنموذجا
287.png | 19 KB |


فقه المعاملات : هوالأحكام الشرعية العملية التي تنظم أفعال المكلف وعلاقته بالغير. والمعاملات صنفها الفقهاء إلى أقسام عدة منها العقود والإيقاعات ، وبعضهم جعلوا له أبواب عدة تبدأ بالتجارة وتنتهي بالأحوال الشخصية (السيد فضل الله فقه الشريعة ج 2 ص 8).

وتعريف المصرف : هوالمؤسسة التي رخص لها التعاطي مع الأعمال المصرفية ، وعرفوا الأعمال المصرفية على أنها جميع الخدمات التي يقدمها المصرف لا سيما قبول الودائع واستعمالها مع الموارد الأخرى للبنك في الاستثمار كُلِّيًّا أو جُزْئِيًّا بالإقراض أو بأية طريقة أخرى يسمح بها هذا القانون.

التنظيم القانوني : هو تنظيم حياة الناس ومعاملاتهم وما يقدم لهم من ضمانات للحد من تشعب الاجتهادات والآراء الفقهية.

ولا شك أن هناك فرق بين فقه المعاملات وبين التنظيم القانوني للمصارف والخدمات التي تقدمها ضمن القواعد الاقتصادية العامة للدولة. فهناك فتاوى ذات طبيعة مالية يبحثها المحللون والاقتصاديون والباحثون والقانونيون سمي بالمتخصصين في الاقتصاد والمال العام. تختلف عما هو مطلوب فيه الاجتهاد والإفتاء .

ويترتب على هذا التمييز بين من هو فقيه له الصلاحية في أن يبحث عن الحكم الفقهي ، ومن هو اقتصادي له الصلاحية في أن يبحث عن الظاهرة أو الواقعة الاقتصادية ، فالذي يبحث في الحكم الفقهي يخضع لشروط وضعها علماء علم أصول الفقه ، أما الذي يبحث في الظواهرالاقتصادية ونشأتها وتحليلها ودراستها فيشترط كحد أدنى له المعرفة التامة بأصول الاقتصاد وقراءة نظرياته ومعرفة القوانين التي تحكمه.

وهناك مشكلة بين القانون وبين من يعمل بالحكم الفقهي. فالخريجين من كليات الشريعة أو الحوزات العلمية الذين يبدون أحكام فقهية في كل شيء ترى العزوف منهم في دراسة القوانين من الناحية الفقهية مع أن بعضها مستمدة من الشريعة الإسلامية عند الفريقين ، مثال :

إذا قمت بإيداع مبلغ من المال إلى أجل معين في البنك ، الفقيه الشيعي يقول لا يجوز لك الإشتراط بأخذ الفائدة منه إذا كان أهليا (مسلما) والعكس صحيح ، والبعض لا يفرق بين بنك أهلي وغيره كالمرجع (الشيخ فياض). نحن نسأل هذا المبلغ الذي تم إيداعه من العميل في البنك ماهو الهدف منه ؟ الجواب : أحد أهدافه الإستثمار ، والحال ألا تعتبر هذه الوديعة بمثابة قرض قدمه العميل للبنك وإن لم ينص العقد المبرم بينهما على ذلك ؟ الجواب : نعم ، أفلا يحق له بالنتيجة أخذ الفائدة عليه بصرف النظرعن نوع البنك ؟

الجواب : نعم يحق له ذلك ، لأن قانون فقه الاقتصاد يعتبرها (قرض) ضمنا ، وعليه أجاز (السيد الشهيد الصدر) في أخذ الفائدة من البنك الربوي في كتابه (البنك اللاربوي في الاسلام ص 34). كما جوز أخذ الفائدة من الحكومة لأنها مجهولة المالك (نفس المصدر ص 163) وقرارات مجمع الفقه الإسلامي اعتبرأن الوديعة الثابته تتحول في البنك تلقائيا إلى القراض (المضاربة) (مجلة مجمع الفقه الاسلامي ج65 ص 667) من هنا نعرف تقلب فتاوى الفقهاء في أمور كثيرة غير الفائدة البنكية.

وهذا ما نجده في مبالغ الخمس عند الشيعة ، كيف يتم التعامل معها والتي تحول من حساب بنك المقلد إلى حساب المرجع أو وكيله في بلد آخر أو في نفس البلد ؟ الجواب بنفس نظرية مجهول المالك مما يعني أن المرجع أو من ينوب عنه له مطلق الحرية في التصرف في هذا المال. إذن لا سهم الإمام ولا سهم السادة.

والدليل (السيد الخوئي) في تنقيح شرح العروة الوثقى مبان الإجتهاد والتقليد ص 426 قال (وكذلك الحال في التصرف بسهم الإمام (ع) وإن كان معلوم المالك وهو الإمام إلا إنه من جهة عدم التمكن من الوصول إليه ملحق بمجهول المالك والإمام لا يرتضي أن يتصرف فيه غير الفقيه) فلا تتعجبوا من ظهور الثراء الفاحش فجأة على بعض الناس في المجتمعات الشيعية وذلك ببركة نظرية مجهول المالك كأحد أسبابها.

إن المناهج الأصولية التي ابتكرها علماء المسلمين وتحديدا الشيعة في فقه المعاملات لم يقدموا مخرجات النهضة العلمية للباقر والصادق (ع) في تطوير فقه المعاملات التجارية والمالية حتى تكون قادرة على مواجهة تحديات العصر، إذا اعتبرنا رسالة الأئمة (ع) رسالة عالمية.

بقي السؤال الأخير إذا كان الفقيه الشيعي لم يستطع تقديم ذلك إلى العالم ، لا على مستوى الموروث الروائي ولا على مستوى فقه المعاملات ، إذن كيف فهم الفقيه حديث (أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ؟

 

سنجيب عليه في الحلقة 8 والأخيرة إن شاء الله تعالى.. إلى اللقاء.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير