باقر آل محمد الإصلاح رهان القيادة


الأمة مصدر السلطات ، حقيقة بديهية لتأسيس مفهوم الدولة ، بيعة غديرخم كانت أول نواة إلى هذا الطريق ، تعبير جماهيري عن التعاطي مع القوانين والتشريعات القرآنية إلى المرجعية القيادية الأصيلة. إلا أن التاريخ الإسلامي لم يخل من التشريع الإستبدادي في سن القوانين وتفسيرالنصوص الدينية لصالح ترسيخ ذلك الإستبداد وفرض التعاليم الدينية قام بها رجال الدين بإعتبارهم الفئة الناجية .

الإستبداد ألغى دور الأمة الإسلامية وقدرتها على الإستقلال الفكري والعلمي ، وحريتها في العيش الآمن وهذا أثر في اختيارالخليفة والبحث عن المعايير الصحيحة لتثبيت القيادة العادلة .

هذا الوضع فرض إنشاء منظومة فكرية جديدة ، كمسلك يؤدي إلى تملك الحظوظ الوافرة والتصورات البديلة في نشرالفكر المحمدي الأصيل يصعب القفز فوقها خاصة إذا كان مصدر هذا الفكر متجذر في القيم الملكوتية ، وهذا المسلك بحاجة إلى الملاءمة مع مواصفات العالم الجديد في كل عصر دون المساس بالمقومات الأساسية للعقيدة ، ودون إختزال العقل الإسلامي في المرجعيات الدينية المتعددة مما يؤدي إلى الكارثة الثقافية في جانب والجمود العقلي والإصطفاف في جانب أخر ،

وفي الوقت ذاته يجب التخلي عن الحقل السياسي نهائيا ، إلا أن المكاسب ستكون هائلة في النهاية ، ليس على مستوى دمج المؤسسات الخدمية ضمن المعايير التي ستضعها العلاقات الدولية بعد التوسع الجغرافي للدولة الإسلامية ، وإنما على مواجهة الأزمات وتفكيكها على جميع الأصعدة بما في ذلك توحيد المجتمعات الإنسانية تحت قيادة موحدة عادلة .

ناهيك عن الحاجة إلى الحفارين يحفرون أزاميل العلم ويبقرونه بقرا. انعقد اللواء ل(محمد بن علي الباقر(ع)) ليضع النواة الثانية لقيام دولة دينية مدنية مرتقبة تكون مساندة للمنطلقات السياسية الشرعية ، وستتميز في الأفعال والأقوال وحفظ الدين بإعتبارها المرجعية الأساسية للأمة الإسلامية ومتلازمة مع خطاب الوحي المتسم بالعصمة ، لأن قراءة النص الديني يجب أن يتقارب مع جميع العقليات والمرجعيات الدينية والسياسية على حد سواء ، ولكل عصر ضمن قاعدة عدم إنقطاع السند " حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي رسول الله وحديث جدي رسول الله قول الله عزوجل ".

باشر (محمد بن علي الباقر) تجهيزالمواد العلمية التي سيتناولها في معالجة القضايا المطروحة على الساحة الإسلامية ، إضافة إلى فتح أبواب العلم المختلفة كعلم الأصول وعلوم الطبيعة والعلوم الاجتماعية والإنسانية والفلسفية والتطبيقية حتى عد من أوائل من تحدث مثلا في : تفسير القرآن بالقران والقرآن بالحديث ، وعلم الرجال ، وعلم الأصول ،

ورسم خارطة الكرة الأرضية ، والعلوم التطبيقية ( الجبر، الكيمياء ، الفيزياء) ، والفلسفة والحكمة ، ونشأة الكون ، وقانون المواطنة ، حتى تخرج من مدرسته علماء وباحثين في شتى المعارف العلمية والدينية ، وصل عددهم إلى أكثر من خمسة آلاف طالب ، ونجد ثمارهذه العلوم حتى يومنا الحاضر .

أما السياسة فقد وضعت يدها بيده لتطويرها حتى تتفاعل مع الحضارات الأخرى ، فكان توجيه الخليفة عبد الملك بن مروان نحو صك المسكوكات النقدية بإسم الدولة الإسلامية لتستقل إقتصاديا وتكون محصنة من الهيمنة الخارجية .

ترتبت نتائج على هذه النهضة العلمية مثل : كسر الطوق الخانق الذي وضع لمحاربة الفكر المحمدي الأصيل ، إفساح مجال أوسع للعقل والفعل الإنساني ، لا يحق لأحد تفسير القرآن والسنة النبوية أو إسقاط بعض الآيات والسور القرآنية على الرموز الإسلامية حسب هواه ،

التحررمن المقتضيات الخلافية والمذهبية والخطاب الطائفي ، عدم إعطاء الصفة المرجعية لعالم دين او غيره كي لا يتوقف البحث العلمي في شتى المعارف الحياتية عند شخص معين مما قد يولد الإستبداد الفكري 

 


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الجمعة 2025/1/10 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير