كما هو معروف أن هناك دين واحد وشرائع مختلفة كشريعة موسى (ع) وكتابه التوارة وشريعة عيسى (ع) وكتابه الإنجيل وشريعة محمد (ص) وكتابه القرآن الكريم ، الفارق بين هذه الكتب أن الإنجيل ليس معجزة عيسى ولا التوارة معجزة موسى عليهما السلام بينما القرآن الكريم هو معجزة محمد (ص) ، قد تسألني لماذا هذه المفارقات طالما الكتب السماوية أنزلت على الأنبياء الطاهرين (ع) ، الجواب : إن القرآن ترك الأحكام لغير المكلف بها في عصر التنزيل لقابل الزمن ، بمعنى أن الأحكام الشرعية التي وضحها الرسول (ص) للصحابة تكفي للعقول المعاصرة له (ص) وترك الأحكام الأخرى للزمن ، فالقرآن يفسر الآيات لكل زمان ومكان ، هذه الخاصية لا تتوفر في التوارة والإنجيل.
مثلا : لم نجد أن اليهود أو النصارى احتجوا وقالوا أن الذرة لها ذكرفي التوارة أو الإنجيل بينما نجد أن العلم الحديث توصل إلى اكتشاف أصغر جسم من الذرة ويسمى (الكوارك) والقرآن يقول (مَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ يونس آية 61 ، فقال العلماء كيف تحدث القرآن عنها مع العلم إنها لم تكن في عهد محمد (ص) وكذلك أيقنت عقولهم إنه (ص) لم يأخذ هذه العلوم من اليهود أوالنصارى لأنها غير موجودة أصلا في الكتاب المقدس ، وهذا الإعجاز مستمرللقرآن إلى يوم القيامة فكلما أكتشف علم سنجد ذكره في القرآن الكريم ، يمكن للقارئ الرجوع إلى الأبحاث العلمية في الآيات القرآنية للدكتور(منصورالكيالي) ، نستنتج من ذلك أن معجزة موسى (ع) كان شق البحر، ومعجزة عيسى (ع) كان إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ، وانتهىت تلك المعاجز بإنتهاء أثرها في وقتها كعود الثقاب اشتعل ثم انطفئ.
بعد معرفتنا أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى وأحكامه ، وأن معجزته مستمرة لكل قرن لم يعتريه أي تحريف ، ترى أين مكانة المرأة في آياته ؟
نسأل العلماء المسلمين كيف فسرالرسول (ص) الآية " يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ" الأعراف آية 189 من حيث التكوين والأحوال الشخصية وحقوق المرأة ؟ هذا يستدعينا للبحث في كتب أصحاب مذاهب الشريعة الإسلامية من السنة والشيعة ، وبما أنني أنتمي إلى المذهب الشيعي فسيكون حديثي ضمن الإطارالشيعي ، وسأتطرق بشكل عابرإلى ما قاله أصحاب المذاهب السنية حول المرأة لننظر كيف فهم أئمة المذاهب الأربعة الآيات القرآنية وأحاديث الرسول (ص) وقدموا فتاوى للناس من خلال فهمهم حول المرأة : -
أولا المذهب السني : مدة الحمل أقلها 6 أشهروأقصاها 9 أشهر ولكن فقهاء أهل السنة اختلفوا في ذلك.
1ـ جاء في كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) للجزيري موجزما قالته المذاهب الفقهية السنية ، فقد اتفقواعلى أن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر، ولكن اختلفوا فى أطول مدة للحمل : فقال المالكية إن أكثرها خمس سنين ، وهذا هو المشهورالذي درج عليه القضاء عندهم ، وقال الحنيفية إن أكثرها سنتان ، وقال الشافعية والحنابلة إن أكثرها أربع سنين (الفقه على المذاهب الأربعة 4 / 523 ، 521 ، 525 ، 527 ) وعليه فإن أي إمرأة طلقها زوجها أو مات عنها يمكنها ـ خلال سنتين إلى أربع أو خمس سنوات ـ أن تنجب من الزنا وتنسب ولدها للزوج المتوفي.
2- قال المؤرخ الفقيه المحدث إبن الجوزي فى تاريخه المنتظم : (ج 9 / 42) حُمِل بمالك ثلاث سنين ، المفهوم أن الإمام مالك ولد بعد موت أبيه بعد أن ظل جنينا فى بطن أمه ثلاث سنين ، وطبعا لا يمكن لجنين أن يبقى فى بطن أمه ثلاث سنين.
3- فتوي أبي حنيفة فصل النساء عن أزواجهنّ قال : إنّ في هذا الكتاب (أي القرآن) إذَا أَرَادَتِ المَرْأَةُ أَنْ تَخْتَلِعَ مِنْ زَوْجِهَا إرتَدَّتْ عَنِ الإسْلاَمِ حَتَّي تِبينَ ، ثُمَّ تُرَاجِعَ الإسْلاَمَ.
4 - الإمام الشافعي حيث أكد على أن أكثر مدة للحمل هي أربع سنوات ، مستنداً إلى ما رواه البيهقي في سننه بأن (الوليد بن مسلم) قال : قلت لمالك بن أنس : إني حدثت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : [لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدرظل المغزل].
5- فتوى أبوحنيفه بأن الرجل إذا تزوج إمرأة فى مجلس ، ثم طلقها فيه ، ثم أتت إمرأته بولد بعد ستة أشهرمن العقد لحقه الولد ، أي صارإبنه ، ومثله رجل تزوج في المشرق بإمرأة فى المغرب ، ثم مضت ستة أشهر وأتت له بولد ، فإنه يلحق به ، لأن الولد إنما يلحقه بالعقد ومضى مدة الحمل ، وإن علم أنه لم يحصل منه الوطء
المصدر(الأئمة الأربعة د. مصطفى الشكعة).
7- فتوى مفتي مصر د.علي جمعة ، بعد حادثة الطائرة الروسية التي سقطت في سيناء شجع خلالها سياحة العري ، معللاً ذلك بأن (الناس كانوا يطوفون بالكعبة في العهد النبوي عراة).
ثانيا المذهب الشيعي :-
علما إن القرآن الكريم لم يحدد السن الزمني بل قال " حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ " الأحقاف/15
المصدر: فقه المرأة - دروس للسيد كمال الحيدري - رقم 15
خلاصة قرأتنا للنصوص السالفة الذكرنجد أنه لا أحد أنصف المرأة ، الله يعيرها انها خلقت من ضلع أعوج وهو خالقها ، الراقصة تعتبر شهيدة إذا ماتت وهي ترقص لأنها خرجت لطلب الرزق ، المرأة إذا طلبت الطلاق تعتبرمرتدة ، الإمام علي (ع) يصفها بشرمطلق ، القرآن لم يحدد سن البلوغ ثم يأتي الفقهاء ويحددون سن البلوغ 9 سنوات للبنت ، والآخر يجيز الزواج عبر الإنترنت لا يهم موقع الجنسين أين في الشرق أوالغرب ، وفيلسوف يضع المرأة في صف الحيوانات ، وآخريصفها بالواهية وآخريضعها مع الأطفال ، وغيره يصف كيد المرأة أعظم من كيد الشيطان ، وهناك من يحدد حمل المرأة للجنين في بطنها 3 سنوات وآخر يجيز إلحاق الولد بأبيه دون الوطء شرط العقد.
إذا كان كذلك التوارة لم تنصف المرأة ، والإنجيل لم ينصف المرأة فقهاء المذاهب فسروا آيات الله وحديث الرسول (ص) كما قرأتم ، والأدهى من ذلك أن أئمة أهل البيت (ع) وهم عدل القرآن أيضا لم ينصفوا المرأة واعتبروها شرمطلق ، هل يمكن تصديق كل ذلك ؟ هل أجازالرسول (ص) إلحاق الولد بأبيه وإن لم يحصل الوطء ؟ وهل يمكن لباب مدينة علم الرسول (ص) الإمام علي (ع) أن يصف المرأة بأنها شرمطلق ؟ وهل يمكن لعيسى وموسى (ع) الحكم على المرأة بالنجاسة أينما وطئت قدمها ، إذا كان الجواب كلا ، وهذا التشريع يعمل به إلى الآن ، إذن أين الخلل ؟
سأتوقف هنا ونرجئ الإجابة عليها في الجزء 5 من المرأة في فكر السيد كمال الحيدري (حفظه الله).
إلى اللقاء.