أنا هنا لن أستهدف سيرة (زهير بن القين) لأرويها لكم ، و لكن سأقول لكم إنه رجل بألف ثائر و مآثره و جرأته و احترامه ( للحسين بن علي ) طبعت في شخصه الأصالة الإيمانية التي قلما نجدها في شخصيات أخرى اتصفت بنفس الصفات ، و كانت مثالا للصدق و الوفاء ، فاختاره (الحسين بن علي) ليكون حاضرا مع الشعوب في كل حركته التاريخية النضالية ضد الباطل.
هذا التاريخ الذي أراد أن يبقي (زهير) ميتا ، لأنه كان يعرف ماذا يفعل ، و كان يعرف كيف يفوت العديد من الفرص على بني أمية في الوصول إلى (الحسين بن علي) للنيل منه ، فمثل (زهير) في الفكر الأموي يجب أن يقتل ألف قتلة ، و يجب أن تشوه صورته حتى إذا ما ذكر اسمه ملازما مع (الحسين بن علي) تكون الصورة مشوهة .
فهل يا ترى نجحوا في ذلك ؟ على العكس تماما فقد فشلوا في كل محاولاتهم الخبيثة و تحطمت كل أحلامهم الشيطانية تحت أقدام (زهير بن القين) لأنه ظهر في لحظة صفاء لمواجهة الباطل و هذا البرهان أقوى من أي مدرعة و آلة حربية يمكن أن تمحو أثر هذا البطل.
تعالوا معي لنبحث بين ثنايا المصادر التاريخية التالية ، و رجاء ضعوها نصب أعينكم لأني سأرجع إليها ، لنقوم معا بتحليل الأحداث بطرق منطقية بحثية علمية .
( ابن سعد) الطبقات الكبرى : ج6 ، ص131 -- (ابن الأثير) أُسد الغابة : ج2 ، ص327.
ابن الأثير) الكامل: ج4 ، ص42 (المفيد) في الإرشاد: ج2 ، ص72 ـ 73 -- (الحميري) في (الروض المعطار: ص94) ، (تاريخ الطبري) 323 .
أولا : اشترك زهير بن القين في فتح مدينة (بَلَنْجَر) إحدى الفتوحات الإسلامية عام 28 -29 هجرية ، و كان (زهير) في مقدّمة الفاتحين ، و بعد أن وضعت الحرب أوزارها ـ و أسفرت الأُمور عن انتصار المسلمين ـ ينقل زهير خبراً
فقال : « إنا غزونا البحر، ففتح الله علينا و أصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان المحمدي : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، و أصبتم من الغنائم ؟ فقلنا : نعم. فقال : إذا أدركتم شباب آل محمد ، فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معهم ممّا أصبتم اليوم من الغنائم.
ثانيا : لما فرغ (زهير بن القين) من خطبته مع جيش ابن سعد قال (الحسين) " لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه و أبلغ في الدعاء ، لقد نصحت لهؤلاء و أبلغت لو نفع النصح و الإبلاغ "
ثالثا : يقول (الإمام الصادق) لهشام : وتلا الآية : (وقليل من عبادي الشكور). فقال هشام : قليل من هم ؟ قال : (رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه يقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، فكان مؤمن آل فرعون رجلا واحدا من كثرة أؤلئك الرجال وكان زهير وصحبه من القلة)
لنكمل البحث في الحلقة (10) إن شاء الله تعالى .. إلى اللقاء