الإمام الحسين (ع) السيرة والمسيرة (1)


العالم الإسلامي يعيش لحظاته الحاسمة من تاريخه الطويل الممتد منذ فجر الدعوة الإسلامية وإلى اليوم ، وخلال هذه المدة توالت أحداث تاريخية أثرت في التاريخ البشري تأثيرا كبيرا وعميقا وعلى جميع مناحي الحياة ، ومن هذه الحوادث هي معركة كربلاء التي دارت رحاها بين الحسين بن علي (ع) وحكومة يزيد بن معاوية الذي نصب خليفة على الممالك الإسلامية.

حيث عبر الحسين (ع) عنه بقوله (على الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد) علما أن المدة بين قيام الدولة الإسلامية ومعركة كربلاء 50 عاما فقط وهي المدة بالقياس إلى عمرالإسلام ليست بالمدة الطويلة ، ترى ما الذي حدث في الأمة الإسلامية !

حتى يصرح الحسين (ع) بهذا التصريح السياسي خاصة هي شخصية تعتبر من إحدى الشخصيات المفصلية في الأمة الإسلامية بما لها من القدسية في الضمير والعقل الإسلامي ، أبوه علي بن أبي طالب (ع) وأمه فاطمة بنت خاتم الرسل (ص) فهو حفيده وأحد أوصيائه وأحد اصحاب أهل الكساء.

ترى هل وصل الإنحراف العقائدي في أمة جده حتى أضطر الحسين (ع) مواجهة حكومة يزيد عسكريا ؟ أم هل وقع الظلم على عباد الله في ناحية من نواحي الممالك الإسلامية مما جعل من الحسين (ع) يسرع بالتحرك لرفع هذا الظلم بالقوة ؟

أم هل عطلت بعض أحكام الشريعة الإسلامية في إحدى جوانبها حتى وجد الحسين (ع) نفسه أولى من غيره في تصحيح مسارها ؟ أم لأن يزيد نصب خليفة للمسلمين ورأى الحسين (ع) نفسه أحق بالخلافة من دونه ؟ أم هو خلاف قبلي بين بني هاشم وبني أمية ؟ ماذا حدث بالضبط ؟

هذه التساؤلات والإستفهامات كانت تروادني كثيرا لهذا عنونت هذه الأبحاث بعنوان الحديث عن سيرة الحسين بن علي (ع) ومسيرته حتى ساعة المواجهة العسكرية التي انتهت بإستشهاده ، وبذلك أغلقت صفحة حياته الشريفة.

ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان أن يبقى الحسين (ع) بعد ذلك علما وقدوة ومعين ينهل منه الصغير والكبير ، المسلم وغيرالمسلم ، القريب والبعيد ، من يعرفه ومن لا يعرفه ، فنحن أمام دراسة ملف لا نظير له في التاريخ ،

فأرجو أن تركزوا معي لأني أهدف منها تحريك الفكر والعقل البشري نحو الفهم الصحيح ضمن إطار الفكر الذي أحمله حيال حركة أو نهضة أو ثورة أو ملحمة الحسين بن علي (ع) سمها ماشئت ،

ولكي أصل إلى هذا الهدف لا بد من فهم تلك الحقبة التاريخية التي عاشها (ع) وهذا الفهم لا يمكن الوصول إليه بدون الإلمام بمنطق التاريخ فمثلما هناك منطق للفلسفة ومنطق للعلوم التطبيقية ومنطق لكل العلوم والمعارف الدينية وغيرها

كذلك هناك منطق للتاريخ وهذا المنطق ينحصر في الأحداث التي مرت بها الإنسانية خلال مسيرة كفاحها ضد الباطل ، فالحوادث التاريخية تنقسم إلى قسمين

حوادث جزئية و حوادث اجتماعية ، والحوادث الجزئية تكون مقيدة بزمان ومكان ، فإذا لم تكن مقيدة فإنها تفقد صفتها التاريخية بعكس الحوادث الاجتماعية فهي غير مقيدة بزمان ومكان.

مثلا ثورة الحسين (ع) إذا لم يتم تقييدها بزمن ومكان معينين فإنها تفقد قيمتها التاريخية ، لماذا ؟ لأن التاريخ لا يدرس الثورة أو النهضة كظاهرة سياسية لأنها قد تتكرر، وإنما يدرسها كظاهرة اجتماعية يتدارسها علماء الاجتماع.

ومنهجية دراستها لا تكون مثل منهجية دراسة العلوم التجريبية التي تقوم على الملاحظة دون الحاجة إلى إثبات الحادثة أو إنكارها بل تقوم على دراسة الوثائق والآثار والأخبار التي تبرهن على وجود هذه الحادثة التاريخية ، هنا يطرأ سؤال : هل الحوادث التاريخية يمكن أن تعاد مرة أخرى أم لا ؟

الجواب : إن من يريد إعادة التاريخ هو يريد تطبيق النموذج التاريخي لحادثة وقعت في الماضي على وضع حصل في الواقع المعاصرلهدف أو أخر، يقول هيجل في كتابه (العقل في التاريخ - ترجمة د. إمام عبدالفتاح ص 36) (لا يمكن أن تتعلم من التاريخ أو تستفيد من دروس الماضي لأن التاريخ لا يعيد نفسه).

نسال لماذا ؟ الجواب لأن الحوادث التاريخية ثابتة وليست متغيرة ، فهي تخص زمن وعصرغير زماننا وعصرنا. سؤال لرفع الظلم أو لتصحيح إنحراف في العقيدة في زماننا هذا ،

هل يمكن تطبيق نموذج الحسين بن علي (ع) لمقارعته أو تصحيحه أم لا ؟ الجواب : إذا كانت نفس الظروف التي عاشها الحسين بن علي (ع) فنعم وإلا فلا يمكن تطبيقه.

وتأسيسا على هذه المنهجية التاريخية فإن دراسة الموضوع الماثل أمامنا يتم بالإعتماد على ثلاثة مراحل

الأولى : جمع الوثائق ، الثانية : نقد الوثائق الثالثة: تحليل وتفسير الوثائق ، ويطلق على المرحلة (1+2) بالتحليل التاريخي والمرحلة (3) يطلق عليها التركيب التاريخي.

ونحن الآن نعيش في القرن 21 الميلادي نريد دراسة سيرة الحسين بن علي (ع) الذي عاش في القرن 6 الميلادي الموافق للقرن الأول الهجري ، ونريد القفز إلى الماضي لدراسته ، ما هي الوثائق التي نحن بحاجة إليها حتى نصل بقفزتنا هذه إلى عصرالوحي والتنزيل ؟

نلتقي في الحلقة (2) لنجيب عليه إن شاء الله تعالى ... إلى اللقاء.

 

 


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير