طالعتنا وكالة أنباء مهر الإيرانية على موقعها الإلكتروني بمقال للباحث العراقي (دكتور علي مؤمن) بتاريخ 25.8.2021 سأختصر ما ذكره الباحث بأنه ( لم يعثر على شيء إسمه التشيع الصفوي إطلاقا و لا نشوء أي تشيع آخر يتمايز عن تشيع علي بن أبي طالب و أئمة أهل البيت و إذا كان المتهم بتأسيس التشيع الصفوي هم ملوك الصفويين فإن هؤلاء الملوك و ذويهم لم يكونوا فقهاء محدثين لكي يؤسسوا مدرسة عقدية و فقهية شيعية جديدة تتعارض مع تشيع أهل البيت
و أن المدرسة الصفوية مثلت في الحكم و السلوك السياسي تحولا في التاريخ الشيعي لأنها عبر استخدام الخطاب المذهبي الشيعي تواجه المحاولات العثمانية في اجتثاث الشيعة .. و سواء كان السلوك الصفوي يتم بدوافع سياسية مصلحية سلطوية أو بدوافع دينية أو خليط من الأثنين فإنه كان يجري في مصلحة الشيعة بالنتيجة)
ثم يقول (لعل أكثر الكتابات التي أساءت للشيعة هو كتاب (التشيع العلوي و التشيع الصفوي) الذي كتبه (علي شريعتي) في إطار مناكفاته مع الفقهاء و الحوزة و حالة الاستعلاء و الجبروت الثقافي التي كان ينطلق منها .. لذلك تجد هناك تشجيعا في الأوساط السياسية الطائفية لبعض المغفلين باقتناء كتاب التشيع الصفوي و قراءته)
طبعا لست من دعاة تسقيط أحد سواء اتفقت معه في الرأي أم لم اتفق و ذلك على قاعدة الحديث النبوي الشريف (إن لصاحب حق مقالا) ، حرية التعبير مكفولة للجميع ، و لست ممن يبني قواعده الفكرية على أكتاف أحد ، و لست ممن يوهم أحد بأشياء مزيفة . المفكر (الدكتور علي شريعتي) لم يسعى في كتابه (التشيع العلوي و التشيع الصفوي) إبراز مذهب عقدي آخر يسمى (التشيع الصفوي) نهائيا و من يقرأ كتابه لن يخرج بنتيجة معاكسة كما ذهب إليه (د .علي مؤمن)
فالتشيع الذي آمن به شريعتي هو التشيع الذي صدح به (علي بن أبي طالب) في وجه الظلم و الاستبداد ، تشيع التوحيد القائم على وحدة الصف الإسلامي و محاربة التفرقة و أسبابها ، تشيع حب المعرفة الذي نادى به في وصيته (الله الله في القرآن فلا يسبقن بالعمل به غيركم) ، تشيع يرفض الغلو و التطرف بكافة أشكاله و أنواعه
هذا الغلو و التطرف الذي نجده اليوم عند بعض الشيعة و في بعض المناسبات الدينية ظهر مع قيام الدولة الصفوية بمساعدة رجال الدين الشيعة آنذاك ، الذين أفرغوا محتوى التشيع العلوي من مضمونه و شوهوا صورته ، بعد أن تحول التشيع إلى التشيع الحكومي على يد الدولة الصفوية .
التشيع الصفوي قائم على أركان أهمها : أولا : رفع الصفويين أئمة أهل البيت إلى مرتبة الربوبية فيصورونهم على أنهم يخلقون و يرزقون و يدبرون الكون ، و تارة يصورونهم على أنهم ضعفاء متذللين للحكام ثانيا: أهمل الصفويين جوانب الوحدة الإسلامية وساعدوا على تقوية الجوانب الخلافية ، ثالثا : تم تحويل عقيدة التوحيد إلى عقيدة مشبعة بالخرافات
رابعا: استورد الصفويين عقائد و عادات النصارى و هيئاتهم و اعتبارها جزءا من التشيع خاصة في مناسبة عاشوراء ، خامسا : إضافة إلى إذكاء النعرة القومية و إدخال هذا المفهوم ضمن التشيع الأمر الذي أدى إلى تقوية السلطة الدينية بمنع مناقشتهم أو نقد أفكارهم فأصبحوا يترزقون على أموال الضعفاء و إعطاء أنفسهم هالة و قداسة بإسم الدين و التشيع
السؤال هو هل د. علي مؤمن مطلع على هذه الحقائق في الخطاب الصفوي والذي سماه علي شريعتي بالتشيع الصفوي والإنحرافات العقدية في الدولة الصفوية و ما أدخلته من بدع و خرافات أم لا ؟
فإذا كان غير مطلع عليها فسأبحث له عن عذر ، أما إذا كان مطلعا عليها كما يقول (أنه مطلع على أغلب الكتب فلم يجد مزاعم عن وجود تشيع الصفوي) فنحن في هذه الحالة نواجه أزمة أجندات سمها ما شئت سياسية أو فكرية أو غيرها
المهم هذه الأجندات وظيفتها فرض روح الكراهية للمفكر علي شريعتي ألذي سعى في تنبية الأمة الإسلامية من خطر الخطاب الصفوي أو التشيع الصفوي الممسوخ و ما شابه على الفكر الإسلامي الأصيل وهذا التنبيه هو الذي جلب العداء له من قبل رجال الدين الشيعة المتشددين و اتهامه بأنه منحرف و معاد للإمامة ، و ها نحن نجد دكتور علي مؤمن يفتح نفس إيقاع النغمة فيتهم علي شريعتي بالطائفية و الاستعلاء و الجبروت ومن يقرأ له فهو مغفل
أنا أستغرب لماذا قال د . علي مؤمن أن علي شريعتي كتب كتابه مناكفاة مع الفقهاء والحال إذا تتبعنا مخرجات الدولة الصفوية و بمساعدة الفقهاء في أصفهان وعلى رأسهم باقر المجلسي صاحب كتاب بحار الأنوار الذي قال بتحريف القرأن و أن النسخة الأصلية عند المهدي المنتظر ، هذا التحويل في المشتركات الإسلامية إلى المختلفات الهدف منه ضرب الوحدة الإسلامية وهو الركن الاساسي الذي اعتمد عليه ساسة الدولة الصفوية في التعامل مع المذاهب الأخرى أنا لا يتبادر في ذهني غير هذا الهدف ولا أعتقد سيختلف معي إثنان
بشكل إجمالي فإن التشيع الصفوي حمل شعار الإسلام بإسم التشيع معتمدا على نظرية الخلافة التي اعتمدها العباسيون الذين رفعوا شعار (الرضا من أل محمد) لهذا عملوا على طقسنة التشيع وبناء إسلام شيعي خال من التوعية و العقل و المسؤولية..