النهضة الحسينية معين لا ينضب


العالم برمته يعيش اليوم تحديات صحية لمكافحة جائحة كورونا ، وهذه الجائحة فرضت واقعا غيرعادي وظروفا إستثنائية أجبرت الجميع على تغير نمط حياتهم للتعامل معها والحد من إنتشارها ،

إلا إنها لم تعرقل إقامة إحياء ذكرى شهادة الحسين (ع) في مراسم عاشورائية تجلت في اهتمام الأمة الإسلامية لإخراجها بالصورة المشرقة التي رأيناها.

فالدمعة التي ذرفت لمواساة أهل البيت(ع) هذا العام كانت بعيدة عن الحضور في الحسينيات ، وقد أقيمت المراسم العشورائية المتنوعة بعضها في المنازل والبعض الآخر بالخروج في مسيرات حسينية مراعية الإجراءات الإحترازية من إنتشار فيروس كورونا ،

بالنتيجة لم تحول هذه الجائحة بين الإمام الحسين (ع) وبين نار العشق التي لم تنطفئ جذوتها في قلوب محبيه وشيعته ومواليه في العالم من كافة الأديان.

هذه الحقيقة شهدها الجميع مما يؤكد أن المرحلة القادمة في تعقيداتها لا تقل صعوبة عن المرحلة الأولى التي بدأت يوم العاشر من محرم عام 61 هجرية ، وهي مرحلة لم تكن لتحصل بمعزل عن مسألة مستقبل شعوب العالم.

وفي اعتقادي أن هذا التساؤل يجب أن يثار حول بناء المجتمعات الإنسانية ومتطلباتها ، فإن قائد النهضة الإمام الحسين (ع) أسس في وعي هذه الجماهير صغيرهم وكبيرهم رجالهم وإناثهم ،

ما يعنيه هذا التأسيس في تحقيق أهداف هذه النهضة ، بحيث يجب أن تترجم وتستقر في جهودهم وإمكاناتهم والابتعاد عن الاختلال الموجود الغير موزون والتغلب على الصعوبات الناتجة عن أفعال الشياطين.

وهذا سيعطي للنهضة البعد الإجتماعي والعمق الفكري ويفتح الطريق نحو التعريف بالمصالح المشتركة في صون أنفسنا من المحاولات الهادفة لتفريقنا

والوقوف ضد أؤلئك الذين يريدون زرع بذرة الشقاق والذين يأملون في الإستفادة من الخلافات العقائدية والمذهبية وإثارة النعرات القبلية والمناطقية وإذكاء الموروثات الجاهلية العمياء.

إن الانتصارات التي حققتها النهضة الحسينية اليوم نجدها متنوعة في الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والفكري والسياسي والديني الذي رفع مستوى حياة الشعوب ، وقد بلغت بعضها الهدف الإستراتيجي في الاستقلال في جميع ميادين الحياة.

وهذا دليل على النضج التنموي والفكري لهذه الشعوب ، فهي انتقلت من المرحلة التجريبية إلى مرحلة الأفعال النهائية ، ومن مرحلة الصناعات الصغيرة إلى مرحلة الصناعات الكبيرة ،

ومن مرحلة الإعتماد على الغير إلى مرحلة الإعتماد على النفس ، ومن مرحلة التبعية إلى مرحلة التنافس ، في النهاية قهرت النهصة الحسينية الإستبداد الإقتصادي والإجتماعي والفكري والسياسي والديني.

وأخيرا ما يهمني القول هو الفكرالاجتماعي للذين بقوا على قيد الحياة بعد كل هذه المراحل العصيبة التي مرت بها النهضة الحسينية لتحقيق أهدافها ، والتي لم تكن لتصل إليها لولا مواصلة الغيورين في حمل تلك الأمانة على عاتقهم.

فكان الحضور الحسيني شاخصا في كل تلك المراحل ، وكان لكل عصر حسينا يترقب ويترصد نقاط الضعف وينقل الرسائل العاجلة لتحسين الشعوب لمواقعها الميدانية ضد السلبيات المتوقعة ،

ويقول دائما مقولة سيد الشهداء (ع) (لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد ومثلي لا يبايع مثله).

وسيبقى هذا الحضورالحسيني في وجدان الشعوب وعلى الدوام وفي كل عصر كي لا تنخدع الأمم بالشعارات الزائفة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

وآخر دعوانا أن الحمدالله رب العالمين.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير