تحدثنا أن سبب إختيار (زهير بن القين) قائدا لسرية المهام الخاصة لحماية الركب الحسيني من مكة إلى كربلاء يرجع إلى قوة قبيلته (البجيلة) وتاريخها العريق ومكانتها في الإسلام ، من هنا يمكن تحديد التشكيلات العسكرية لجيش (الحسين بن علي) ، و المنهج التحقيق التاريخي ضمن لنا شكل هذه التشكيلات حسب المعطيات الروائية التي وصلتنا ، وتحدثنا عن بعضها سأصنفها لكم بلغة العصر وهي على النحو التالي :-
قائد اﻹسناد الحربي : (الحر بن يزيد الرياحي) ، قائد الركن (مسلم بن عقيل) ، قائد المهام الخاصة (زهير بن القين البجلي) ، قائد السلاح الحربي (أبو ثمامة الصائدي) ، قائد كتيبة الميدانية (المختار الثقفي) ، قائد كتيبة التدخل السريع (سليمان بن صرد الخزاعي)
وهناك تشكيلات عسكرية أخرى كانت لها أدوارا مهمة في نهضة (الحسين بن علي) مثل دور الذي لعبه (مسلم بن عوسجة الأسدي) في التعبئة العامة لحركة (مسلم بن عقيل) في الكوفة
هؤلاء القادة وغيرهم كانوا مجهزين لمواجهة حكومة بني أمية على قاعدة التوظيف السليم للإمكانات الخلاقة المتولدة من داخل الشعب ، وكانوا هم الثقل الأكبر لبقاء النهضة الحسينية إلى أمد طويل ، واقعيا هناك حقائق أخرى مغيبة من عاشوراء قد يجهلها بعضكم ، سأتحدث عنها قريبا إن شاء الله تعالى .
ذكر (في تشويكوف) مارشال الإتحاد السوفيتي الذي حرر ستالينغراد من قبضة هتلر، في مقدمة كتابه (ستالينغراد ملحمة العصر) ( لا أعلم إذا كان في عالمنا المعاصر إنسان لم يسمع بإسم تلك المدينة الخالدة ستالينغراد التي قدم أهلوها والمدافعون عنها من الجيوش السوفيتية أسمى التضحيات دفاعا عن الحق والعدالة وحرمة وقدسية اﻷرض اﻷم وسجلوا بذلك صفحة خالدة في تاريخ التحرر الوطني العالمي).
ماذا لو قلنا نحن نفس الكلام عن ملحمة كربلاء هل سيكون صوابا ؟ الجواب كلا. لأن تحرير ستالينغراد كان واجبا وطنيا، بينما معركة كربلاء كانت من أجل تحرير اﻹنسان من اﻷحكام الجائرة ، فأصبحت واجبا إنسانيا فضلا عن كونها واجبا شرعيا .
والعامل اﻷكثر بروزا فيها هو اﻹندفاع المنقطع النظير نحو قائد النهضة (الحسين بن علي) ، وهو ما أثار اعجاب الجميع الذي جذب شعوب العالم الحر إليه وهذا لن تجده في أي ثورة في العالم ولا في أي ملحمة ﻻ قديما وﻻ حديثا . الآن دعونا نحلل الشفرات في النصوص الروائية التي تحدثت عن دور (زهير بن القين) السري في النهضة الحسينية ، لإستخراج محتوى المعلومات منها.
نكمل بحثنا في الحلقة (15) أن شاء الله تعالى ... إلى اللقاء