قال نابليون بونابرت : " ما أسهل أن تتحدث عن الشجاعة و أنت بعيد عن أرض المعركة " ، و برتراند راسل قال : " الحرب لا تحدد من المصيب بل تحدد فقط من هو الباقي " و زعيم الثورة الكوبية تشي جيفارا في معرض الجواب عن سؤال : كيف انتصرت الثورة ؟ قال : " إذا دخلت المعركة فاضرب بشدة"
الهدف من ذكر هذه الأقاويل هو أنه إذا أردت أن تخوض معركة عسكرية مصيرية و تنتصر فيها، فعليك أن تكون مستعدا لها من جميع الجوانب العسكرية و غيرها
لأنه لا يمكن لأي معركة أو حرب أو غزوة تقوم في بلد ما في العالم دون تخطيط عسكري مسبق ، و إﻻ سيكون الفشل هو النتيجة الحتمية لها , و الملف الماثل أمامنا هو عن معركة سجلت الانتصارات الواحد تلو الآخر رغم هزيمتها العسكرية عامة وهي معركة كربلاء.
فهل يمكن التصديق أن معركة كربلاء حدثت بغتة دون الاستعداد العسكري لها كما يروج البعض ؟ و هل يمكن التصديق أن ما ترويه بعض كتب السير عن واقعة كربلاء هي حقيقة كلها ؟ الجواب " كلا " وهل يمكن التصديق أن (حسين بن علي) صدق رسائل أهل الكوفة يطلبون منه القدوم إليهم ؟ الجواب كلا لماذا ؟
لا يمكن القبول بقول أن هذه المعركة نتيجتها الفتح المبين إنتصرت عسكريا أم لم تنتصر ، ولا يمكن القبول إنها حصدت الانتصارات عبر التاريخ دون تخطيط ، لأن الذي يفشل في التخطيط يفشل في كل شيء نبيا كان أو غير نبي ، إماما كان أو غير إمام. و القرآن الكريم أكد على أهمية التخطيط قال تعالى " إنا كل شيء خلقناه بقدر" – القمر- 49 ،
و لا يمكن القبول أن قائدا متمرسا ميدانيا مثل (الحسين بن علي) لم يكن يعلم بأن نار الحرب ستشب بينه و بين أعدائه و لم يخطط لها مسبقا. و من أجل الانسجام مع قوانين الطبيعية فإن اﻹنسان لابد أن يحسن التخطيط لأمور حياته حتى و لو كانت تتعلق بمصير إنسان واحد فكيف إذا كان المصير يتعلق بالجنس البشري كله .
بهذه المقدمة نسلط اﻷضواء على ما خططه (الحسين بن علي) للمواجهة العسكرية مع حكومة بني أمية. نأخذ جزئية واحدة من هذا المخطط ، وهي إعداد سرية المهام الخاصة و إختيار قائدا لها.
أنا في هذا الملف سأركز على التخطيط و الإستراتيجية العسكرية لمعركة كربلاء ، وأنا اعرف أن مثل هذه اﻷبحاث نادرة الوجود و تكاد تكون معدومة من المكتبات الإسلامية الشيعية. و لا تذكر حتى عبر الوسائل الإعلامية المختلفة .
لأن التركيز الذي نجده في الخطاب الإعلامي الحسيني الغالب عليه ليس العطاء الفكري بل الجسد مثل قطع اليد وطعن بالرمح وضرب بالسيف و كأن العنف و القتل و القتال و الدماء و الآلام كانت سببا في تثبيت أركان النهضة الحسينية إلى الأن و هذا هو منطق الذي نسمعه من الإئتلاف الروزخزني التقليدي.
أولا : لا أعرف من قال لهم أن هذه النهضة المباركة بقيت حتى الآن تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها بسبب هذا الخطاب الجسدي ، ثانيا هل هؤلاء يعتقدون أننا يمكن أن نراهن على هذا الخطاب في معرفة عطاءات كربلاء ؟ أبدا ، نحن لم نراهن عليه و جزما لن نراهن عليه . تعال معي لنتحدث عن جزئية واحدة فقط ، لتتعرف على حقيقة عطاء كربلاء
ذكرت في بداية البحث حول جزئية مؤمن أل فرعون بعض المصادر التاريخية ، و طلبت من حضراتكم أن تضعوها نصب أعينكم لأننا سنحتاج إليها ، وها قد آن اﻷوان لنستعيد هذه النصوص من هذه المصادر وغيرها
نكمل بحثنا في الحلقة (12) إن شاء الله تعالى.... إلى اللقاء