حقائق مغيبة من عاشوراء (8) زهير بن القين . عثماني الهوى (2)


قلنا في الحلقة الماضية إذا أردنا صفاء التفكير في رفع التهمة عن (زهير بن القين) فيجب علينا إزالة المغالطات و السلبيات التي أصابت المنطق. بناء على ما تقدم نأتي إلى التهمة و ننظر كيف بدأت ، و متى بدأت ؟

العثمانية مصطلح سياسي يطلق على كل من يؤيد بني امية في مظلومية الخليفة (عثمان بن عفان) ، و معاداة الخليفة (علي بن اأبي طالب). و أن أقدم المصادر التاريخية التي طبعت هذه التهمة على(زهير بن القين) هو(الطبري في تاريخه) و(البلاذري في أنساب الأشراف) ، نذكرما جاء فيهما ثم نقوم بتفكيك نصوصها .

أولا : جاء في (تاريخ الطبري 3 / 316). عن (أبي مخنف) أنه قال : لما أجمع (عمر بن سعد) على القتال (سأختصر الرواية)..... فقال (زهير) : الله يا (عزرة) أن تكون ممن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية. فقال (عزرة) : يا (زهير) ما كنت عندنا من شيعة هذا البيت إنما كنت عثمانيا. ، قال له (زهير) : أفلا تستدل بموقفي هذا على أني منهم ! أما و الله ما كتبت إليه كتابا قط ، و لا أرسلت إليه رسولا قط ، ولا وعدته نصرتي قط .

ثانيا : جاء في (تاريخ الطبري : 3 / 30 , 3 / 302.) نقلا عن (أبو مخنف) عن السدي عن الرجل من بني فزارة قال : كنا مع (زهير بن القين) حين أقبلنا من مكة نساير (الحسين) فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل ، فإذا سار (الحسين ) تخلف (زهير) ، و إذا نزل (الحسين) تقدم (زهير) ...ألخ.

ثالثا : (البلاذري في أنساب الأشراف : ج3 ص 378 ـ 379) قال : كان (زهير بن القين البجلي) بمكة و كان عثمانيا فانصرف من مكة متعجلا فضمه الطريق مع (الحسين) فكان يسايره و لا ينازله ، فنزل (الحسين) بجانب و نزلنا في جانب فأرسل (الحسين) إليه فلم يذهب فقالت له إمرأته (دلهم بنت عمرو) سبحان الله أيبعث إليك ابن بنت رسول الله فلا تأتيه فلما صار إلى (الحسين) رجع و قال لإمرأته أنت طالق فإني لا أحب أن يصبك بسببي إلا خير و قال لأصحابه من أحب منكم أن يتبعني و إلا فإنه آخر العهد و صار إلى (الحسين بن علي). )

تعالوا معى لنحدد المغالطات في هذه النصوص الروائية ثم نحللها :

 

أولا : رواية الطبري عن رجل بني فزارة فضلا عن ضعف سندها بمجهولية الفزاري لا يستقيم محتوى متنها مع الحقيقة التاريخية وهي أن (زهير) عاد الى الكوفة بعد اداء الحج فيكون خروجه يوم (13 من ذي الحجة) الفرق بينه وبين (الحسين بن علي) 5 أيام كيف يقول أقبلنا من مكة نساير (الحسين) .

ثانيا : في أي شرع يجب على الجندي تطليق زوجته لأنه ذاهب إلى الحرب ؟ . ثالثا : رد (زهير) (لعزرة بن قيس) أن وجوده مع (الحسين) دليل كاف إنه ليس عثماني الهوي. رابعا : (إبن الأعثم) كان معاصرا للطبري والبلاذري نقل هذا اللقاء بدون ذكر للعثمانية (الخوارزمي مقتل الحسين جزء 1 ص 323)

  • الآن تحليل هذه المشاهد ونطرق باب ما يسمى قاعدة الإثبات في القانون و الفقه و الشريعة. ما هي طرق الإثبات لرفع التهمة ؟ يذكر (عارف علي عارف) أحد فقهاء الشريعة في ماليزيا في كتابه (مسائل فقهية معاصرة) ص.23.24 ) يقول : ( إن صاحب الحق قد يعجز عن إثبات حقه بطريقة من طرق الإثبات المقررة شرعا و هي : الإقرار ، و الشهادة ، و اليمين ، و الكتابة ، و من أجل الإثبات تستخدم القرائن).
  • ملف التهمة الماثل أمامنا هل توجد قرائن الإثبات أو شهادة الشهود أن (زهير بن القين) ليس عثماني الهوى أم لا ؟ الجواب نعم و الدليل :- أولا إقرار منه شخصيا بوقوفه صف (الحسين بن علي) ثانيا : شهادته بين يدي (الحسين بن علي) كربلاء .ثالثا : (زهير بن القين) كان حاملا راية (الحسين) يوم عاشوراء هذا التصرف من (الحسين) يؤكد أن (زهير) لم يكن عثماني الهوى.

السؤال إذا كانت الحقائق التاريخية و القرأئن الثبوتية و شهادة الشهود تثبت أن (زهير ) لم يكن عثماني الهوى ، لماذا إذن الصق (الطبري) هذه التهمة عليه ؟

لن أطيل في الجواب عليكم ، يكفي بنا القول سوى أن بني العباس إشتد غضبهم من (زهير بن القين) فلم يتحملوا الخدمات التي قدمها (لحسين بن علي) منها أولا : إخراجه من مكة سالما تحت حماية عسكرية ثانيا: تأمين الطريق (للحسين بن علي) من مكة إلى كربلاء دون أي عقبات تذكر كاف أن يظهر الغضب في سلوكهم و يضيق صدورهم حقدا لأنه أفشل خططهم ، و هذه سنة الصراع بين الحق والباطل.

والشواهد التاريخية كثيرة في ذلك مثلا عندما أرسل (الحسين بن علي) أخاه (العباس وولده (علي الأكبر) على رأس فرقة مقاتلة لفك الحصار عن شط الفرات وجلب الماء كانت مهمة أخرى لهم هو تحرير أسرى من (بني أسد) جاوؤا لنصرته وقعوا في قبضة (عمر بن سعد)

نجحت هذه الفرقة المقاتلة في المهمتين ، ضج (عمر بن سعد) من كثرة من قتلوا من جيشه، فأشتكى إلى (إبن زياد) يخبره فأشتد غضبه وأرسل كتيبة الخيالة مدرعة بالحديد لا يرى منها سوى عينيها ، وهي كتيبة مسيحية ،

دخلت هذه الكتيبة في قتال مع (العباس) و فرقته المقاتلة و بعد معركة شرسة استطاعت الكتيبة القضاء عليهم ، أتدرون ماذا فعلت هذه الكتيبة بهم ؟ قتلوهم و قطعوهم و مزقت جسد (علي الأكبر) اربا اربا و هي نفس الكتيبة التي رضت جسد (الحسين بن علي) وطحنت ضلوعه بحوافر الخيل.

نكمل بحثنا في الحلقة (9) إن شاء الله تعالى..... إلى اللقاء.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير