الإمبراطورية البريطانية الشيعية (التشيع اللندني)-1


العنوان مثير للجدل نوعا ما إذا ما قرأه مسلم شيعي وهذا ليس الهدف من صياغته وإنما الهدف هو الوصول إلى حقيقة وضع اسم بريطانيا متلازما مع أحد المرجعيات الدينية الشيعية ونعته بالتشيع اللندني وعلى مستوى عال جدا إعلاميا . ما علاقة بريطانيا بالمرجعية الشيعية ؟ وكيف نشأت هذه العلاقة ؟ ومن هي هذه المرجعية ؟ للإجابة عنها لا بد لنا من مقدمة .

شهدت المجتمعات الإسلامية تطرفا دينيا و فكريا ، وكلاهما يمثلان أحد القضايا المهمة التي تؤرق المجتمعات العالمية ، وتشكل تهديدا لبقائها واستقرارها فقد ظل المصدر الأساسي لتمزيق أواصر المجتمعات وتفكيك النسيج الإجتماعي الواحد وتكريس حالة من التخلف العقلي والتاريخي في آن واحد ونتيجة لهذا عملت المجتمعات الدولية على الحيلولة دون وقوع أضرار مادية ومعنوية لمجتمعاتها وكان ذلك مدعاة لإطلاق كلمة الإرهاب الفكري عليها كي تتوحد الجهود لاستئصال جذورها نهائيا .

والتطرف كما يقول الخواجة محمد ياسر في كتابه التطرف الديني ومظاهره الفكرية والسلوكية ص 3 " والتطرف هو الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع ، وأنه قد يتحول من مجرد فكر إلى سلوك ظاهري أو عمل سياسي ، يلجأ عادة إلى استخدام العنف كوسيلة لتحقيق المبادئ التي يؤمن بها كفكر متطرف "

ومن أجل توضيح كيف يتحول فكر إلى عمل سياسي ويلجأ إلى استخدام العنف . جاء في كتاب التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع الأصوليين – مارك كورتيس ص9 و ص 85

"صدر تقرير عام 2005 م أنه " يوجد في بريطانيا 2000 إرهابي من واقع 200 شبكة " وقد شكل تفجير لندن عام 2005م بمقتل 52 بريطانيا وهو أول هجوم تشنه الجماعات الإسلامية وأول تهديد يشكله التطرف الإسلامي" .

وقد أرجع البعض هذه التفجيرات إلى التدخلات السافرة للحكومة البريطانية في شئون الدول الإسلامية إلا أن القصة أكبر من هذا بكثير وهي أن الحكومة البريطانية وحزبي العمال والمحافظين على حد سواء يسعون دائما لتحقيق ما يسمى بالمصلحة الوطنية وهذه المصلحة تحتم عليهم إقامة تحالفات استراتيجية مع التنظيمات المتطرفة .

مثلا نجد دور بريطانيا في إطاحة حكومة مصدق وتأييد حكم الشاه في إيران كان بمساعدة المرجع الشيعي آية الله كاشاني الذي دخل في خلاف مع حكومة مصدق وتعامل مع عملاء بريطانيين في تأجيج الشارع الإيراني ضده في مظاهرات مطالبة بإقالته حتى نجح الإنقلاب وصعود الشاه إلى حكم إيران عام 1953م ، زار الشاه ورئيس وزرائه زاهيدي آية الله كاشاني وشكروه على مساعدته لهم ، أبقت بريطانيا آية الله الكاشاني الذراع الديني لها الذي يمكن استخدامه إذا أرادت الإطاحة بحكم شاه إيران ، وفي نفس الوقت تحالفت مع الإخوان المسلمين للإطاحة بآية الله الكاشاني لأن الفكر الشيعي في منهجية السياسة البريطانية فكر متطرف تجسد في آية الله الكاشاني ، علما أن آية الله الكاشاني كان مهيئا كبديل لآية الله الخميني كزعيم سياسي موالي للغرب .

إلا أن موت الكاشاني المفاجئ فوت فرصة الإلتفاف البريطاني على الفقيه آية الله الخميني الذي أحكم قبضته على جميع المرافق الحكومية و أطاح بحكومة الشاه عام 1979م ، خسرت بريطانيا أقوى حليف لها في المنطقة حينها بحثت عن فقيه آخر يحل محل آية الله الكاشاني لاستعادة هيمنتها على المشهد الشيعي ،

" كتبت زوجة الشاه فرح البهلوي في مذكراتها أن هناك تحالفات لصالح الشاه في أوساط الفقهاء وملالي الشيعة في إيران وخارجها حتى أنها عبرت " إذا رفعتم لحية أي فقيه شيعي ستجدون مكتوب تحتها صنع في بريطانيا " " ،

فهمت حكومة بريطانيا الإشارة وبمساعدة أحد التجار الشيعة في الكويت دخلت بريطانيا إلى البيت الشيرازي الذي كان يبحث عن موطئ قدم في البرلمان الإيراني واستغلت الخلاف بين الخميني و البيت الشيرازي على توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الثورية تماما نسخة طبق الأصل عندما احتدم الخلاف بين آية الله الكاشاني ومصدق رئيس وزراء إيران السابق ، وكيف أوصلت بريطانيا آية الله الكاشاني إلى البرلمان حينذاك وأسقطت حكومة مصدق ، من هنا بدأت معالم العلاقة البريطانية الشيرازية تظهر في العلن .

ترى ما هي نوعية هذه العلاقة ؟

سنرجئ الإجابة عنها في الجزء الثاني والأخير منعا للملل


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير