المدرسة الأخبارية والحركة الإجتماعية


في عام 1998م ظهرمصطلح جديد في علم الاجتماع وهو(مجتمع الحركة الاجتماعية) وهو تعبيرعن قبول العام بحركات احتجاجية كشكل من أشكال الممارسة الاجتماعية من جهة والممارسة السياسية من جهة أخرى ، ومصطلح الحركات الاجتماعية هو تصويرلجماعات تستعرض جدول أعمالها في المجال الداخلي (المحلي) من أجل التغيير.

وتضم هذه الحركات مطالب ثلاث (البرنامج والهوية والموقف) البرنامج هو دعم أو معارضة معلنة أو مقترحة من أطراف معينة تسعى للتأثيرفيها ، الهوية هي اتحاد بين المعارضين للتأكيد على أنهم يشكلون قوة من أجل تحقيق أهدافهم ، والموقف يكون على الروابط بين المعارضين قد لا يصل إلى التأسيس ولهم مؤيدين موالين للحركة بسبب بعض الانعطافات التاريخية.

ويجب التمييز بين الحركة المثالية التي تسعى إلى التجديد في القيم والأخلاق والتراث والحركة النفعية التي تسعى إلى استحواذ مكتسبات حصلت عليها من خلال إجهاض البرامج الإصلاحية لا تتوافق مع منهجيتها ،

وهي غالبا ما تظهرفي المجتمع الديني ولها بعض الرموزالدينية والتنظيمات الدفاعية من المجتمع المدني وعادة تظهرهذه الحركات في أوقات الصيحات المطالبة بالإصلاح الديني،

فتتخذ هذه الحركة نوعا آخر من التحرك الاجتماعي لتصل إلى تأسيس منظومة دينية تفرضها على الناس قهرا وجبرا لمواجهة حركة الإصلاح الديني وليس لها متطلبات معلنة وتطلعاتها دائما في انتقاء التراث في مدرسة مذهبية معينة ضد المدرسة المذهبية المخالفة لها ،

مثلا : في العالم الإسلامي الشيعي هناك مدرستين (المدرسةالأخبارية والمدرسة الأصولية) الأولى تسعى إلى الإعتماد على الروايات حتى لو كانت لا توافق المنهج القرآني ولا العقل ، والمدرسة الأصولية التي تعتمد على القرآن في الوصول إلى فهم النص الروائي.

والفارق بينهما هو أن عالم دين شيعي أصولي منفتح ومتحررفي مجال البحث والمناظرات والمناقشات العقائدية مع الجميع وأشهرهم في الوقت الحاضر السيد المحقق (كمال الحيدري) فهو لا يملك وسيلة إعلامية كقناة فضائية

مثلا ولكنه يمتلك الحجة العلمية التي يوصلك بها إلى فهم النص ، فأسند الشيعي وغيرالشيعي ظهره عليه لتحطيم أصنام أوجدتها روايات وأحاديث مزقت المجتمع الإسلامي الواحد إلى فرق.

وإن رجل الدين الأخباري الشيعي المتعصب لا يستطيع تحمل من يخالف رأيه وتفكيره وليس لديه إستعداد للإنصات فهو وإن لبس ثوب علماء الشيعة ويزعم إنه عالم دين فهو واقعا مقلد للعوام لا يتورع عن رمي المخالف بالضلال دون مراجعة كتبه ، وإذا قلت له إن هذا خطأ فإن جوابه هذه من ضروريات المذهب ، هذا ما سارعليه المتشرعة

وما نجده من المهاترات على علماء الشيعة الأصوليين كالسيد (كمال الحيدري) أوالسيد (محمد حسين فضل الله) (رحمه الله) أوغيرهم ، فإن بياناتهم لا تعني هؤلاء العلماء والمفكرين بل المستهدف بالدرجة الأولى هو هذا الإنسان الشيعي البسيط.

فالحركة الاجتماعية الأخبارية الشيعية التي نجدها هذه الأيام إذا ما قرأناها من زاوية اجتماعية نجد أن لها حضورإعلامي خاص تولد عنه تيار التشيع اللندني بزعامة الشيخ (ياسر الحبيب).

والأخير بحكم أنه شيعي فلابد له من مرجعية دينية يعمل تحت مظلتها فحازعلى وكالة شرعية من المرجع السيد (صادق الشيرازي) فأصبحت كل تصرفاته مبرئة للذمة ، فهل رأينا من يقف في وجه هذا التيار المتطرف سوى السيد (علي الخامنئي) (حفظه الله) الذي أعلن أن ما يقوم به هذا التيار ليس من الإسلام بشيء.

ماذا كانت النتيجة عندما حرم السيد علي الخامنئي إحياء شعيرة التطبير التي يرتكز عليها هذا التيار حيث قام السيد أحمد الشيرازي وقال على قناة الزهراء الفضائية (من يحرم التطبير مجنون)

وعندما أعلن الإمام الخميني (قدس) أسبوع الوحدة الإسلامية والذي يبدأ من 12 إلى 17 من ربيع الأول من كل عام الهجري ، والذي يحتفل فيه جميع المسلمين في العالم بإحياء ذكرى ولادة خاتم النبيين (ص) استحدث المرجع (صادق الشيرازي) أسبوع البراءة في قبال أسبوع الوحدة وفي نفس الفترة.

هذه الحركة الاجتماعية للمدرسة الأخبارية تتبنى مثل هذه المواقف ، وتطلعاتها ليس للتغيير بل لإبقاء التراث الذي يحمل الفكر الخاطئ و المغلوط لإنشاء جيل يرقص على الجراحات التاريخية وهي عادة تحتج على كل شيء ، فإذا ما تحقق لها ما تريد ترجع إلى قواعدها بكل هدوء.

لأنه لم يعد هناك من يقف أمامها وإلا مسألة التحقيق في الروايات وتصحيح الكتب ليس السيد المحقق (كمال الحيدري) أول من نادى بها فهو ليس بدعا من الرسل ، هناك جامعات في العالم نادت بتصحيح التراث الديني كالشيخ (محمد عبده) الذي شارك في تحقيق وتصحيح الكتب الدينية والشروحات اللغوية.

وعلماء الشيعة يعترفون بما يحتويه (بحار الأنوار) و(تفسيرالقمي والعياشي) من أخطاء روائية التي تنتهك حرمة الأئمة الطاهرين (ع) وهي بحاجة إلى التصحيح والتنقيح ، بهذا التحليل يمكن تفكيك لغزالحركة الاجتماعية للمدرسة الأخبارية ضد العلماء الإصلاحيين الشيعة. والحمدالله رب العالمين.


تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير