زينب بنت علي من المحراب إلى النضال (1)


المرأة عبر التاريخ البشري كانت لها مواهب عدة ولم يكن هناك قانون يحكم هذه المواهب لصالحها ونحن عندما نقف أمام هذه المواهب ينتابنا شعورغريب ونحن نرى المرأة تزاحم الرجال جنبا إلى جنب ولا نستطيع أن نقف إزاءها لخدمة هذه المواهب ، لأن النظرة العامة هي أن الرجل هو قوام على المرأة  وهذه القيمومة شكلت منظومة خاصة في إدارة شؤون الأسرة ، يكون فيها الرجل ممسكًا بزمام هذه الإدارة وتعتبرالمرأة  جزءً من كيانه ، بالنتيجة هي أسيرة هذا النظام الذكوري.واقعاً هذه القيمومة  طُرحت كمشكلة إنسانية أي المشكلة بين المولودين وهي بين مد وجزر ولعل هذه المشكلة ولدت مع ولادة فكرٍة أن المرأة  خلقت من الضلع الأعوج للذكر (آدم)  حين خلقه الله فخلق له أنيسا يأنس إليه ، وعليه قامت الأنظمة الاجتماعية والفتاوي والتي حددت دور المرأة في المجتمع والأسرة وليس لها أن تخالف الرجل في رأيه ، وعليها أن تخضع لإرادته ومشيئته كيفما شاء ، هكذا وجدت المرأة نفسها على هذا الحال

التاريخ الذي تحدث عن المرأة باعتبارها النصف المتمم للرجل في حياته كلها ، لاحظنا أن الرجل البدائي بما يملك من قوة جسمانية هو يحكم على النصف الآخر له بكل ما يلازم هذا النصف من مشاكل وصعاب لأنه الطرف الأضعف ويكون الرجل هو من يحتل مكانة كبيرة في الأسرة ويحمي هذه المرأة ويدافع عنها ، فأصبحت المرأة تابعة للرجل في كل شؤون الحياة ، وتعيش تحت سيطرته ، وتلبي له كل احتياجاته ، بهذا المعنى أصبح الرجل هو صاحب الرأي والمسؤول عن حياتها ورزقها ، وهو النافذة والمظهر البارز في حياتها ، فلا رأي لها إذا ابتز الرجل أموالها وأكل حقوقها وحرمها من الميراث ، ولا حق لها أن تعترض على أي قرار يتخذه الرجل سواء في تربية الأبناء أوالخدمة في البيت ، بل عليها أن تكون الآلة التي تتحرك بضغطة واحدة على الزر، متى ما ضُغط على هذا الزر تعمل هذه الآلة

 هذه الثقافة التي غمرت وجود الإنسان وتأثيراتها ظاهرة في جميع مناحي الحياة وهذا يشكل نسيجا لمعتقدات الرجل وتقاليده وفكره ولغته وبهذه الصفة يكون هو المكون الأساسي لهوية المجتمع ، وهذا الموقع التاريخي للمرأة يطرح نفسه كمشكلة إنسانية في المجتمع.  مشكلة بين شريكين متساويين ومتفاوتين في آن واحد فبقدر ما للمرأة من سبب في وجود الرجل كذلك هو شريك معها في كل ما يلتصق بها عبر التاريخ وهذا الوضع اتسم بصفة انتقالية بين الرجل والمرأة برغم ما يجمعهما من عناصر مشتركة الذي أنتج التوافق بينهما على مرالأيام ولكن الصراع الاجتماعي العميق الذي يجري بين الأفراد والأجناس تدخل المرأة فيه كصفة ايدلوجية وكاتجاه اجتماعي أو اتجاه ديني فتختلط المفاهيم في مناقشة المسألة الإنسانية فيتم قهر أحد   الأطراف وبمأن  المرأة وهي الطرف الأضعف تكون عرضة للقهر أكثر من الرجل فلماذا يقهرها الرجل ؟  ولماذا لا تكون هناك معايير أخلاقية تحكم هذه العلاقات بينهما ؟     

علما أن لكليهما تاريخًا لا ينفصل عن الآخر حتى في العلاقات القهرية مع بعضهما البعض لأنهما مكملان للكيان الأسري ، والتاريخ المشترك بين الشريكين يضع المرأة في مشكلة اجتماعية أنثوية والتي تلعب دوراً مؤثراً في ايجاد التنسيق بين الطرفين اجتماعيا وثقافيا وفكريا قابل للتطور، وكذلك إبقاء المرأة في حالة إقصاء عن التطور من خلال وضع عقبات أمامها ، وعدم السماح لها بالارتقاء مع شريك حياتها ، هذا هوأساس توليد المشكلة النسائية ، وهذا التوليد كان ضمن نموذج تراث  توارثته الأجيال عبر عصور مختلفة. والحمدالله رب العالمين.


محتويات مشابهة
تابعنا على
الوقت الآن
الخميس 2025/1/9 توقيت مسقط
ابقى على تواصل
تصميم وتطوير