الدين ، ما هو الدين ؟ قبل الإجابة عليه ، أود توضيح أهمية التعريف ، عندما تريد التتحدث إلى الناس في موضوع ما ، لابد أن تذكر تعريف المفردات التي تستخدمها في حديثك معهم ، مثلا إذا قلت الصلاة فيجب أن تعرف للناس ، ما هو تعريف الصلاة ، أو إذا تحدثت عن التجارة فيجب أن تُعرف التجارة ، أو إذا تحدثت عن التصوف ، فيجب أن تعرف التصوف وهلم جرا . إذن لابد أن يكون لدينا تنظير للجزء الذي نتعامل معه ، لأنه هو الذي يعبر في مضمونه عن القدرة المعرفية للشخص في صياغة نسق المعلومات ، وربط العلاقات بعضها بالبعض الآخر، وهو مفتاح لكل باحث وطالب جامعي وخطيب منبر وغيرهم.
ولو جئنا إلى معرفة ما هو الدين ؟ سنخرج بسؤال آخر عن أي دين تتحدث ؟ فهناك أديان مختلفة ، هناك دين يهودي وهناك دين مسيحي وهناك دين بوذي وهناك دين إسلامي وهناك دين هندوسي ، فالدين لغة هو (1) :- نظام اجتماعي ثقافي من السلوكيات والممارسات المعينة ، وقال الآخرون (2) :- الدين له معان مختلفة منها المجازاة و الطاعة والملة والتوحيد . أما المصطلح فله أهمية كبيرة في مجال العلوم الإنسانية وغيرها ، لأن المصطلح هو الذي يبين آلية التسمية التعريفية ، والذي يعتبر أساس المناهج العلمية ، فمصطلح الدين ما هو ؟ القرآن الكريم وضع مصطلحين للدين ، ركزوا معي رجاء ،
قال تعالى (3) " إن الدين عند الله الإسلام "، فعندنا إسلام الديني ، وعندنا إسلام الشريعة ، لهذا يطلق علينا المسلمين ، بريطانيا كانت تسمي السنة أو الشيعة في وثائقها بالمحمديون ، لأنهم يتبعون شريعة خاتم الرسل(ص) في قبال اليهود أو المسيحيين . فلكل دين ، شريعة مستقلة ، والتي فهمنا من تعبير القرآن الكريم "إن الدين عند الله الإسلام" يعني أن هناك شرائع إسلامية لهذا اعتبر البعض أن الآية (4) (ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) اعتبروا الإسلام هو ما جاءت به الشريعة المحمدية فقط،
ولكن نحن وجدنا أن هناك شرائع أخرى غير شريعة الخاتم (ص) ، الله سبحانه وتعالى وضح لنا في كتابه الصورة الدقيقة جدا في كيفية فهم الشريعة وارتباطها بالدين ، قال تعالى (5) " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى" إذن يتضح من خلال هذه الآية أن هناك دين واحد وشريعة واحدة لكل رسول مرسل ، وهذا الدين يتمظهر في كل زمان ومكان في شريعة معينة ، آية أخرى (6) "ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا" ولكن هذه الشريعة تعمل تحت مظلة مسمى الإسلام ، جاء في كتاب الله (7) " ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون" إلى هنا الآمور واضحة ، أليس كذلك ، ممتاز.
نحن قلنا في بعض ابحاثنا إن أي موضوع يجب أن يدرس ضمن علم من العلوم الحياتية . الأن نحن نريد أن ندرس الدين ، ترى في أي علم يجب دراسته ، في علم النفس أم علم الاجتماع أم علم الفيزياء أم علم الأرض أم علم الفلك أم علم الإنثربلوجيا ، أي منهم ؟ بالتأكيد علم الاجتماع ، لماذا ؟ لأنه العلم الذي يجد طريقة إلى التحليل والتفكيك العقلاني لشموليات الدين ، مثلا لو جئنا وقلنا لعلم الاجتماع أن يدرس لنا نظرية الرجعة عند الشيعة الإمامية ، وقدمنا له ملخص ، أن الله سيرجع أناس إلى عالم الدنبا بعد موتهم الحقيقي ، ويبعثهم من قبورهم لنصرة دولة العدل الإلهية بقيادة المهدي (ع) أو بعد انتقال المهدي (ع) إلى الرفيق الأعلى.
هنا سيسأل علم الاجتماع من هم الذين سيرجعون ؟ الجواب : حسب النظرية الشيعية الأئمة الطاهرين دون فاطمة الزهراء فهي لن ترجع ، فبقي لدينا عشرة ائمة سيرجعون ، كلام سليم ، سؤال هل يوجد غيرهم ؟ نعم من يقرا دعاء العهد 40 صباحا سيصبح من أنصار القائم المهدي (ع)، ويجب قرأته كل صباح وهو تجديد الولاء للمهدي (ع) (8) ، جيد جدا ، ما هي صيغة الدعاء ؟ بعض المقتطفات منه "اللهم أخرجني من قبري متؤتزرا كفني شاهرا سيفي ، مجردا قناتي ، ملبيا دعوة الداعي في الحاضروالبادي.. إلخ ؟
هنا سيقول لك علم الاجتماع قف عندك ، وسيطرح عليك سؤاله الأول : هل السلاح المستخدم في عصر المهدي (ع) السيف أم البندقية ؟ الجواب : البندقية ، سيطرح جملة من الأسئلة مثلا ، لماذا ذكرتم السيف في الدعاء ، طالما هو ليس سلاح المهدي الذي سيحارب به أعداء الله ورسوله ؟ وهل هذا الدعاء مناسب بصيغته في القرن 21 ميلادي أم لا ؟ ثم هل الشخص الذي سيرجع بحاجة إلى التدريب العسكري أم إنه تدرب في القبر قبل خروجه ؟
ثم الإمام الذي سيرجع هل يعرف كل أسرار الحكومات ذلك العصر أم لا ؟ إذا يعرف من أخبره وقد خرج من عالم الدنيا وانقطع عن الاختراعات العلمية والتكنلوجية التي ظهرت من بعده ؟ وإذا لا يعرف ، فلماذا تصر على رجعته؟ أليس هذا اغتيال للعقل الشيعي ؟ أسئلة كثيرة ومحرجة أليس كذلك ، ولكن عليك أن تقوم بتحضير الإجابة لها.
من هنا نفهم أن علم الاجتماع لا يجد تأكيد على مشروعيته ، إلا في تحليل العملية التي تنخرط فيها حركة التاريخ ، وتأثير المؤسسات الدينية في حياة المجتمعات الحديثة ، فيدرس الواقع و يضع الدين ضمن عامل التطور بغية إيجاد فهم التطورالعلمي للظواهر الدينية ، وإعادة صياغة كل مشروع ديني غير مرتكز على أسس قرآنية وعلمية وعقلية ، وبتالي سيكون عندنا تحليلات مختلفة ، تجعلها تُظِهر إمكانيات جديدة في النهاية.
نكمل بحثناء في الحلقة (7) إن شاء الله تعالى .... إلى اللقاء.
المصادر
(1)موسوعة ويكابيديا
(2) الموسوعة الققهية الكويتية – درار السلاسل – جزء 4 ص 265
(3) سورة ال عمران آية (19)
(4) سورة الشورى آية (13)
(5) سورة الشورى آية (13)
(6) سورة المائدة آية (48)
(7) سورة البقرة آية ( 123)
(8) سيد إنن طاووس ، مصباح الزائر