ها قد وصلنا إلى ختام ترجمة (زهير بن القين) ، تعالوا معي لنحلل الشفرات في النصوص الروائية التي تحدثت عن دوره السري في النهضة الحسينية.
أولا : خروج (زهير بن القين) من الكوفة مع عائلته على رأس قافلة متجها نحو مكة للحج و بما إنه من زعماء قبيلة البجيلة و أحد المقربين للبلاط الأموي لا يمكن أن يخرج دون أخذ الاحتياطات اللازمة له في السفر قبل وصوله إلى مكة ، و هذا يعطينا دلالة واضحة أن هناك أفراد من أعوانه وأصحاب قبيلته دخلوا مكة قبله .
ثانيا : وزع (زهير بن القين) أصحابه قبل وصوله إلى مكة إلى قسمين ، قسم يقوم بتوفير وسائل الراحة له ، وقسم يقوم في حماية (الحسين بن علي) من أي عملية إغتيال قد يتعرض له خاصة أن (يزيد) دس 30 شيطانا بين الحجاج لقتله .
ثالثا : لقاء (الحسين) مع (زهير بن القين) في الصحراء كما في بعض الراويات دليل أن (زهير) وزع مهام الفرسان إلى جزئين جزء خرج معه و جزء خرج قبله لحماية (الحسين) ، و عندما أتم هو الحج لحق به و التاريخ يذكر أن أولاد (مسلم بن عقيل) (محمد اﻷصغر و إبراهيم) خرجا مع (زهير) من مكة و ليس مع (الحسين بن علي) .
رابعا :عدم قدرة والي مكة (عمرو بن العاص) من السيطرة على الوضع عندما أوقفت القوة العسكرية التي جاءت من الشام ركب (الحسين بن علي) عند خروجه من مكة و طلبوا منه العودة و مع إصراره على الخروج اشتبكت هذه القوة معه مما جعلهم ينكشفون أمامه و هذا دليل واضح أن هناك فرقة عسكرية رافقت (الحسين بن علي). ، والشاهد ما قاله (المسعودي في مروج الذهب) (خرج مع الحسين من مكة 500 فارس).
خامسا : المؤرخون ذكروا أن (زهير بن القين) لم يكن لينزل في منزل كان به (الحسين بن علي) فإما كان يصل قبله أو يكون مجاورا له ، دليل واضح على السيطرة التامة على طرق المسير ، و الدقة في جمع المعلومات عن الموقع الذي سيحل فيه (الحسين) و خلوه من المخاطر على حياته قبل وصوله إلى الموقع التالي .
سادسا : طلب (زهير بن القين) منازلة (الحر) كما جاء في (الإرشاد للشيخ المفيد جزء 2 ص 72) لم يكن ليأتي لو لم تكن هناك قوة عسكرية تكفي لمواجهة المستجدات الميدانية خلال الرحلة إذا قلنا جدلا أن (الحر) ليس من أنصار (الحسين بن علي) فهذا دليل أن (زهير) كان واثقا بالقوة العسكرية التي معه لمحاربة ألف فارس و هذه الاستعدادات أربكت حسابات العدو و أضعفت معنوياته
من هنا يتضح لنا أن (الحسين بن علي) استخدم النموذج الثاني في التكتيك العسكري حيث دمر معنويات العدو وزعزع توازنه العسكري ، و الدليل أن (عمر بن سعد) عندما وصل أرض كربلاء فوجئ بالأتي :
أولا وقوف (زهير بن القين) و جماعته في معسكر (الحسين) ، ثانيا : انشقاق (الحر الرياحي) و 500 من أصحابه عنه ، ثالثا : إنضمام عشائر همدان والنخع لجيش(الحسين) ، رابعا : وجود خندق يحمي أبنية النساء كما في الروايات ، خامسا : تم غلق المنافذ من الجهات الثلاثة ، كما جاء في (مقتل الحسين للخوارزمي) لمنع تسلل جيش الشام إلى المخيم من الخلف ساعة بدء المعركة ، أدرك (عمر بن سعد) أنه وقع في فخ وأن (إبن زياد) فشل في جمع المعلومات المناسبة عن تحركات (الحسين) .
لهذا طلب (عمر بن سعد) من (إبن زياد) المدد العسكري فأرسل إلية أولا قبل بدء المعركة (شمر بن ذي الجوشن) على رأس 4 الآلاف مقاتل ، ثانيا عندما رفرف النصر على (الحسين) حتى ظهر يوم عاشوراء كما في رواية عن (الإمام جعفرالصادق) ، أرسل إلية الكتيبة الخيالة المدرعة المسيحية قوامها الفي مقاتل
خلاصة القول إن (زهير بن القين) حين أنيطت إلية مسؤولية حماية الركب الحسيني كان يعرف أن لأي معركة أهداف معينة. فبدون هذه اﻷهداف لا يوجد هناك عمل , بل ستكون هناك ردود أفعال استفزازية من العدو ، لذلك حدد الهدف و أختار اﻹمكانيات الصالحة لتحقيقه فكان جديرا لقيادة المهام الخاصة في النهضة الحسينية المباركة .
.فسلام على (زهير بن القين) يوم ولد و يوم استشهد و يوم يبعث حيا .