الثورة المعلوماتية شكلت فضاء رحبا في استيعاب وسائل الاتصال أكثر ديموقراطية لم نجدها من قبل زحزحت الآفاق الضيقة في التعبير عن ثقافة مجتمع تقليدي انشات معها نوعا جديدا من حرية التعبير تمسك بها أصحابها ضد الممارسات التي تقوم بها بعض المؤسسات لتقييد حركتهم حتى وجدت هذه المؤسسات نفسها أمام تحد كبير بعد أن كانت تستمد سلطتها من الفضاء السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي السؤال الذي يطرح نفسه ماذا تريد الشعوب من استخدام هذه الوسيلة الإعلامية البديلة؟.
للإجابة على هذا السؤال دعونا نرجع قليلا الى الوراء لنستحضر الواقع الاعلامي إبان الانتداب الأجنبي للوطن العربي مثلا خلال الحملة الفرنسية على الجزائر عام 1830 م أو الحملة البريطانية على مصر أو العراق كان تركيز الصحف إدارياً وتحريريا على تثبيت الوجود الأجنبي وكذا الحال في البلدان التي سقطت تحت الانتداب الأجنبي.
وبعد الحرب العالمية الأولى شهدت هذه البلدان الانفراج من سلطة الانتداب الأجنبي بالحصول على الاستقلال التام سياسيا واجتماعيا واقتصاديا بقيت الوسيلة الإعلامية الأكثر والأشد توترا ليس في زمن الصراعات القائمة على الحروب بل أيضا في حالة السلم.. حيث شهد المشهد الإعلامي قتامة كبيرة حين كبل الإعلام ووسائله بأغلال الرقابة الصارمة والتعطيل والمصادرة والمعاقبة التي تستهدف تجريم الرأي وتقيده بقيود ذات منطق غريب تارة وهلاميا يكاد يكون مشوها تارة أخرى.
وانطلاقا من هذه الأجواء ومع التطور التكنلوجي الذي شهده العالم والحاصل في وسائل الاتصال وتأثيره على مناحي الحياة المختلفة ظهر الإعلام البديل في مقابل الإعلام الرسمي ليكون شريكا في العملية التنموية والإصلاحية.. فلم يعد الإعلام الآن حكرا على فئة دون فئة بل أصبح كل فرد داخل المجتمع في حالة بحث دائم عن الأخبار الجديدة وعن علوم جديدة تسبق الوسائل الإعلامية الرسمية أحيانا هذا التحول الإعلامي ساهم في ظهور إعلاميين جدد وصحفيين جدد وأقلام جديدة ورؤى تنموية جديدة فبالأمس الفرد الذي كان يعد من الأشخاص السلبيين في المجتمع تجده اليوم من أكثر الأفراد تفاعلا مع الآخرين في خدمة المجتمع.. فاصبحوا يزاحمون الصحفيين والإعلاميين ويعملون للتأثير على الرأي العام أكثر من غيرهم بما فيها التأثير على الأجندات السياسية والمؤسسات الرسمية في وقت كان صوت هذه الشعوب يعتبر من الأصوات السلبية غير أن الشعوب استطاعت التعبير عن صوتها لتتحول من المستهلك السلبي إلى المنتج الإيجابي وعندما نسأل هل هذا الإنتاج يعتبر حقا من حقوق الإنسان أم لا؟.
الجواب نعم لأننا نعرف أن حقوق الإنسان يمر عبر مراحل أساسية تبدأ بالإدارك ثم الاهتمام ثم المحاولة ثم الإقناع ثم التبني وهذا ما نجده في غرف الدردشة على الفيسبوك والتويتر واليوتيوب والواتساب والتليغرام والانستجرام.. حيث غدت امتدادا طبيعيا لحواس الجماهير على كل أرجاء المعمورة يعيشون واقعهم الافتراضي، ويؤثرون على الواقع المعيشي بكل أبعاده، ويساهمون في التغيير الاجتماعي، هذه المخرجات ساهمت على تدويل القضايا التي طمسها الاستبداد والفكر الأحادي الجانب ليبرز لنا من جديد حق الضمير الإنساني في تشكيل خارطة إعلامية كونية جديدة، لمواجهة التحديات المعاصرة.
https://shabiba.com/article/162297